للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَقع بَعْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَاعيَيه لِكَوْنِهِ مَا أَنْصَفَهُمَا، وَلاَ جَعَلَ لَهُمَا كَبِيْرَ مَنْصِب، فَشَكَّكَا فِيْهِ خوَاصَّهُمَا، وَتفرَّقَتْ كلمَةُ الجنودِ، وَوَقَعَ بينهُم مَصَافٌّ (١) .

فَانتصر عُبَيْد اللهِ، وَذَبَحَ الأَخوينِ (٢) .

وَدَانَتْ لَهُ الأَممُ.

وَأَنشَأَ مَدِيْنَةَ المَهْدِيّةِ (٣) ، وَلَمْ يتوجَّه لِحَرْبِهِ جَيْشٌ لبُعْدِ الشُّقَّة وَلوَهْنِ شَأْنِ الخِلاَفَة بِإِمَارَةِ المُقْتَدِرِ (٤) .

وَجَهَّزَ مِنَ المَغْرِب وَلَدَه ليَأْخذ مِصْرَ، فَلَمْ يتمّ لَهُ ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسيُّ، صَاحِبُ (الملخَّص (٥)) :إِنَّ الَّذِيْنَ قَتَلَهُم عُبَيْدُ اللهِ، وَبنوهُ أَرْبَعَة آلاَفٍ فِي دَارِ النَّحْرِ فِي العَذَابِ مِنْ عَالِمٍ وَعَابِدٍ ليرُدَّهُمْ عَنِ التَّرَضِّي عَنِ الصَّحَابَةِ، فَاختَارُوا المَوْتَ.

فَقَالَ سهل الشَّاعِر:

وَأَحَلَّ دَارَ النَّحْرِ فِي أَغْلاَلِهِ ... مَنْ كَانَ ذَا تَقْوَى وَذَا صلوَاتِ (٦)

وَدُفِنَ سَائرُهُم فِي المُنَسْتِيْر (٧) ، وَهُوَ بلسَان الفرَنْجِ: المعْبَدُ الكَبِيْرُ.

وكَانَتْ دَوْلَةُ هَذَا بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.

حَكَى الوَزِيْرُ القِفْطِيُّ (٨) فِي سيرَةِ بنِي عُبَيْد، قَالَ:

كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيُّ أَحَدَ الدَّوَاهِي، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَمَعَ مَشَايِخ كُتَامَة ليشكِّكَهُم فِي الإِمَامِ.


(١) لم تذكر كتب التاريخ أن حربا اشتعلت بين المهدي وداعييه أبي عبيد الله وأبي العباس.
(٢) انظر " الكامل ": ٨ / ٥٠ - ٥٣ و" البيان المغرب ": ١ / ١٦٤ - ١٦٥.
(٣) " الكامل ": ٨ / ٩٤.
(٤) تقدمت ترجمته برقم / ٢٤ / من هذا الجزء.
(٥) هو علي بن محمد بن خلف، المعافري القيرواني، عالم المالكية في عصره، كان حافظا للحديث وعلله، توفي سنة / ٤٠٣ / وكتابه المشهور " ملخص الموطأ ".
(٦) انظر " معالم الايمان ": ٣ / ٤١.
(٧) موضع بين المهدية والسوسة بأفريقية، وهو خمسة قصور يحيط بها سور واحد كان يسكنها قوم من أهل العبادة والعلم.
انظر " معجم البلدان ": ٥ / ٢٠٩ - ٢١٠.
(٨) هو علي بن يوسف بن إبراهيم. وزير، مؤرخ، ولد بقفط (من الصعيد الأعلى بمصر) وسكن حلب، فولي بها القضاء، ثم الوزارة، من كتبه المشهورة " إنباه الرواة " وله أيضا =.