للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيَّام العَزِيْز بُنِي قصرُ البَحْرِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ (١) مثلُه فِي شَرْقٍ وَلاَ غَرْبٍ، وَجَامِعُ القَرَافَة وَقصرُ الذَّهَب (٢) .

وفِي أَيَّامه أُظهر سبُّ الصَّحَابَةِ جِهَاراً.

وفِي سنَة ٣٦٦ حَجَّت جَمِيْلَةُ بنْتُ نَاصِر الدَّوْلَة، صَاحِبِ المَوْصِل.

فممّا كَانَ مَعَهَا أَرْبَع مائَة محمل، فَكَانَتْ لاَ يُدْرَى فِي أَي محمل هِيَ.

وَأَعْتقت خَمْس مائَة نَفْسٍ.

وَنثَرَتْ عَلَى الكَعْبَة عَشْرَة آلاَفِ مِثقَالٍ (٣) .

وَسَقَت جَمِيْعَ الوَفد سَوِيْقَ السُّكَّر وَالثَّلْجِ، كَذَا قَالَ الثَّعَالبِي، وَخَلَعَتْ وَكَسَتْ خَمْسِيْنَ أَلْفاً.

وَلَقَدْ خَطَبَهَا السُّلْطَان عضُدُ الدَّوْلَة، فَأَبتْ فَحَنِقَ لِذَلِكَ، ثُمَّ تَمَكَّنَ مِنْهَا، فَأَفْقَرهَا وَعذَّبهَا، ثُمَّ أَلزمهَا أَنْ تقعُد فِي الحَانَة لتحصلَ مِنَ الفَاحشَة مَا تُؤدِّي، فَمَرَّتْ مَعَ الأَعوَانِ، فَقَذَفَتْ نَفْسهَا فِي دِجْلَةَ، فغرِقَتْ، عفَا الله عَنْهَا (٤) .

وَفِي سَنَةِ ٦٧ جَرَتْ وَقعَات بَيْنَ المِصْرِيّين، وَهِفتكين (٥) الأَمِيْر، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وضُرِبَ المَثَل بشجَاعَةِ هِفْتكين.

وَهَزَمَ الجُيُوشَ، وَفَرَّ مِنْهُ جَوْهَرُ القَائِدُ.

فَسَارَ لِحَرْبِهِ صَاحِبُ مِصْر العَزِيْزُ بنَفْسِهِ، فَالتَقَوا بِالرَّمْلَة.

وَكَانَ هِفتكين عَلَى فَرَس أَدْهَم يجولُ فِي النَّاس، فَبَعَثَ إِلَيْهِ العَزِيْزُ رَسُوْلاً، يَقُوْلُ:

أَزعجتَنِي وَأَحْوَجتَنِي لمبَاشرَة الحَرْب، وَأَنَا طَالبٌ لِلصُّلْح، وَأَهَب لَكَ الشَّامَ كُلَّه.

قَالَ: فَنَزَلَ وَبَاسَ الأَرْضَ، وَاعْتَذَرَ وَوقَعَ الحَرْبُ.

وَقَالَ: فَاتَ الأَمْرُ، ثُمَّ حَمَل عَلَى المَيْسَرَة، فَهَزَمَهَا، فَحْمل العَزِيْزُ بنَفْسِهِ عَلَيْهِ فِي


(١) في " وفيات الأعيان ": ٥ / ٣٧٢ " لم يبن ".
(٢) انظر " خطط المقريزي ": ١ / ٣٨٤، وحواشي " النجوم الزاهرة ": ٤ / ١١٣.
(٣) " المنتظم ": ٧ / ٨٤.
(٤) انظر ص / ١٢١ / تعليق / ٢ / من هذا الجزء.
(٥) انظر ص / ١٢٠ / تعليق / ٦ / من هذا الجزء.