للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ: انزلْ وَيْحَكَ، اللهَ اللهَ فِيْنَا، فنزلتُ، فوضَعَ العِمَامَة بِالجَوْهر عَلَى رَأْسِي، وَقبَّل الأَرْضَ ثُمَّ قَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، وَخَرَجَ بِي إِلَى النَّاس، فَقبَّلُوا الأَرْضَ، وَسلَّمُوا عليَّ بِالخِلاَفَة (١) .

قُلْتُ: وَكَانَ شَيطَاناً مَريداً جَبَّاراً عنيداً، كَثِيْر التلُوَّنَ، سفَّاكاً لِلدمَاء، خَبِيْثَ النِّحْلَة، عَظِيْمَ المكْرِ جَوَاداً مُمَدَّحاً، لَهُ شَأْنٌ عَجِيْبٌ، وَنبأٌ غَرِيْبٌ، كَانَ فِرْعَوْن زمَانه، يَخْتَرِع كُلَّ وَقتٍ أَحْكَاماً يُلْزِمُ الرَّعيَة بِهَا.

أَمر بِسَبِّ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم -، وَبكِتَابَةِ ذَلِكَ عَلَى أَبْوَابِ المَسَاجِدِ وَالشوَارع.

وَأَمر عُمَّالَه بِالسَّبِّ، وَبِقَتْل الكِلاَبِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

وَأَبطل الفُقَّاعَ (٢) وَالمُلوخيَا، وَحرَّمَ السَّمَكَ الَّذِي لاَ فُلُوسَ عَلَيْهِ (٣) ، وَوَقَعَ ببَائِعٍ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقتلهُم (٤) .

وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حرَّم بيع الرُّطَب، وَجَمَع مِنْهُ شَيْئاً عَظِيْماً، فَأَحْرَقَه، وَمَنَعَ مِنْ بيع العِنَبِ، وَأَبَاد الْكُرُوم (٥) .

وَأَمَرَ النَّصَارَى بِتَعْلِيق صَليبٍ فِي رِقَابِهِم زِنَتُه رَطْلٌ وَرُبْعٌ بِالدِّمَشْقِيّ.

وَأَلزم اليَهُوْدَ أَنْ يعلِّقُوا فِي أَعنَاقهُم قُرمِيَّةً فِي زِنَةِ الصَّليب إِشَارَةً إِلَى رَأْس العِجْل الَّذِي عَبَدُوهُ، وَأَن تكُون عمَائِمُهُم سُوداً، وَأَن يَدْخُلُوا الحَمَّامَ بِالصَّليب وَبَالقُرمِيَّة.

ثُمَّ أَفْرَدَ لَهُم حَمَّامَاتٍ.

وَأَمر فِي العَامِ بِهَدْمِ كنيسَة قُمَامَة (٦) ، وَبهدم كنَائِسِ مِصْر.


= نظر في أيام الحاكم في ديار مصر والحجاز والمغرب، وذلك في سنة / ٣٨٨ / وقتل بأمر الحاكم سنة / ٣٩٠ / له ترجمة في " وفيات الأعيان " ١ / ٢٧٠ - ٢٧١.
(١) " وفيات الأعيان ": ٥ / ٣٧٥ - ٣٧٦.
(٢) شراب يتخذ من الشعير.
(٣) " وفيات الأعيان ": ٥ / ٢٩٣ الفلس: القشرة على ظهر السمكة.
(٤) الوجه: فقتله.
(٥) " وفيات الأعيان ": ٥ / ٢٩٣.
(٦) في بيت المقدس.