للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ. وَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى رَسمْهم يلتَمِسُوْنَ رَجُوعَه، مَعَهُم الجَنَائِب، فَفَعلُوا ذَلِكَ جُمعَةً.

ثُمَّ خَرَجَ فِي ثَانِي ذِي القَعْدَةِ مُظَفَّر صَاحِب المِظَلَّة (١) وَنسيم، وَعِدَّة، فَبلّغُوا دَير القُصَيْر (٢) ، وَأَمعَنُوا فِي الدُّخول فِي الجَبَل، فَبَصُرُوا بحمَارِهِ الأَشهب المسمَّى بقَمر، وَقَدْ ضُربت يدَاهُ، فَأَثَّر فِيْهِمَا الضَرْب، وَعَلَيْهِ سَرْجه وَلجَامُهُ، فتتبعُوا أَثَر الحِمَار فَإِذَا أَثر رَاجلٍ خَلْفَه، وَرَاجل قُدَّامه، فَقصُّوا الأَثر إِلَى بِرْكَةٍ بشرقِي حُلْوَان، فَنَزَلَ رَجُلٌ إِلَيْهَا، فَيجد فِيْهَا ثيَابه وَهِيَ سَبْع جِبَاب، فَوَجِدَت مُزَرَّرَةً، وَفِيْهَا آثَار السَّكَاكين، فَمَا شكُّوا فِي قَتْلِهِ (٣) .

وَثَمَّ اليَوْم طَائِفَة مِنْ طَغَام الإِسْمَاعِيْلِيَّة الَّذِيْنَ يحلِفون بغيبَة الحَاكِم، مَا يعتقِدُوْنَ إِلاَّ أَنَّهُ باقٍ، وَأَنَّهُ سَيظْهر - نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الجَهْل -.

وحُلْوَان قريَةلإ نَزِهَةٌ عَلَى خَمْسَة أَمِيَالٍ مِنْ مِصْرَ، كَانَ بِهَا قصرُ الأَمِيْر عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ، فَوُلِدَ لَهُ هُنَاكَ عمَر بن عَبْدِ العَزِيْزِ فِيْمَا يُقَال (٤) .


(١) هي قبة من حرير أصفر مزركش بالذهب، على أعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب
تحمل على رأس السلطان في العيدين.
ويعبر عنها بالجتر (بجيم مكسورة) .
انظر " صبح الاعشى ": ٤ / ٧ - ٨.
(٢) في طريق الصعيد، قرب حلوان.
وهو على رأس جبل مشرف على النيل.
(٣) " وفيات الأعيان ": ٥ / ٢٩٧ - ٢٩٨.
وقد نقل المقريزي عن المسبحي رواية أخرى لمقتله. قال: " وفي المحرم سنة خمس عشرة وأربع مئة قبض على رجل من بني حسين ثار بالصعيد الأعلى، فأقر بأنه قتل الحاكم بأمر الله في جملة أربعة أنفس تفرقوا في البلاد، وأظهر قطعة من جلدة رأس الحاكم، وقطعة من الفوطة التي كانت عليه، فقيل له: " لم قتلته؟ ".
قال: " غيرة لله وللاسلام " فقيل له: " كيف قتلته؟ ".
فأخرج سكينا ضرب بها فؤاده، فقتل نفسه، وقال: " هكذا قتلته " فقطع رأسه، وأنفذ به إلى الحضرة مع ما وجد معه ".
وهذا هو الصحيح في خبر قتل الحاكم، لا ما تحكيه المشارقة في كتبهم من أن أخته قتلته، انظر " اتعاظ الحنفا ": ٣١٤.
(٤) " وفيات الأعيان ": ٥ / ٢٩٨.