للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَزَرَ لَهُ نَجِيْبُ الدَّوْلَة عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الجرْجَرَائِيّ (١) وَلولده، وَكَانَ نَبِيْلاً مُحْتَشِماً مِنْ بَيْت وِزَارَةٍ، لكنَّه أَقْطَعُ اليَديْنِ مِنَ المِرْفَقَين.

قطَعَهُمَا الحَاكِمُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ لِكَوْنِهِ خَانه، فَكَانَ يُعَلِّم العَلاَّمَة (٢) عَنْهُ القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِيُّ (٣) .

وَهِيَ الحَمْدُ للهِ شكراً لِنِعْمَتِهِ (٤) .

وفِي أَوَّل وَلاَيَة الظَّاهِر أَقْدَمَ مُتَوَلِّي بِتنِّيس مَا تحصَّل عِنْدَهُ، فَكَانَ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ، وَأَلفِي أَلف دِرْهَمٍ.

قَالَ المُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَلَوِيُّ الكُوْفِيُّ:

فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ لمَا صَلَّيْتُ الجُمعَة وَالرَّكْبُ بَعْد بِمِنَىً، قَامَ رَجُلٌ فَضَرَبَ الْحجر الأَسودَ بدَبُّوسٍ (٥) ثَلاَثاً، وَقَالَ:

إِلَى مَتَى يُعَبْد الْحجر فيمنعنِي (٦) مُحَمَّدٌ مِمَّا أَفْعَلُه؟ فَإِنِّي اليَوْم أَهْدِم هَذَا البَيْت، فَاتَّقَاهُ النَّاس، وَكَادَ يفلَت، وَكَانَ أَشْقَر، أَحمر، جسيماً، تَامَّ القَامَة، وَكَانَ عَلَى بَابِ المَسْجَدِ عَشَرَةَ فُرْسَان عَلَى أَنْ يَنْصُروهُ.

فَاحْتَسَب رَجُلٌ، فَوجأَه بخِنْجَر، وَتكَاثَرُوا عَلَيْهِ، فَأُحرِقَ، وَقُتِلَ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه وَثَارَت الفِتْنَة، فَقتل نَحْو العِشْرِيْنَ، وَنهب المِصْرِيّون.

وَقِيْلَ: أُخذ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَقَرُّوا بِأَنَّهُم مائَةٌ تبَايعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَضُربت أَعنَاق الأَرْبَعَة، وَتهشَّمَ وَجه الْحجر.

وَتسَاقَطَ مِنْهُ شظَايَا.


(١) نسبة إلى جرجرايا، وهي قرية من ارض العراق.
انظر ترجمته في " الإشارة إلى من نال الوزارة ": ٣٥ - ٣٧.
(٢) المراد بها التوقيع. راجع الكلام عنها في " خطط المقريزي ": ٢ / ٢١١.
(٣) هو محمد بن سلامة بن جعفر بن علي، القضاعي، الفقيه الشافعي، صاحب كتاب " الشهاب "، وله كتاب " خطط مصر "، كان مفننا في عدة علوم توفي سنة / ٤٥٤ / هـ بمصر.
" وفيات الأعيان ": ٤ / ٢١٢ - ٢١٣.
(٤) " وفيات الأعيان ": ٣ / ٤٠٧ - ٤٠٨.
(٥) عمود على شكل هراوة مدملكة الرأس.
(٦) في " المنتظم ": ٨ / ٨ " إلى متى يعبد الحجر، ولا محمد ولا علي يمنعني عما أفعله ".