للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البِلاَدِ وَدَام الجَهْد عَامِين، ثُمَّ انحطَّ السِّعْر فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ (١) .

قَالَ ابْنُ الأَثِيْر: بِالغ ابْنُ حَمْدَان فِي إِهَانَة المُسْتَنْصر، وَفرَّق عَنْهُ عَامَّة أَصْحَابه، وَكَانَ غَرَضُه أَنْ يخطُبَ لأَمِيْرِ المُؤْمِنيْنَ القَائِم، وَيزِيلَ دَوْلَة البَاطنيَة، وَمَا زَالَ حَتَّى قَتَلَه الأُمَرَاء، وَقتلُوا أَخوَيْه فَخرَ العَرَب، وَتَاج المعَالِي، وَانقطَعَتْ دولَتُهم (٢) .

وفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَلِي الأُمُورَ أَمِيْرُ الجُيُوش بدْر (٣) ، فَقَتَل أَمِيْرَ الأُمَرَاء الدُكز (٤) ، وَالوَزِيْر ابْن كُدَينَة (٥) ، وَكَانَ المُسْتَنْصِر قَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ سراً ليقدمَ مِنْ عكَّا، فَأَعَاد الجَوَاب أَنَّ الجُنْد بِمِصْرَ قَدْ فسدَ نظَامُهم، فَإِنْ شِئْت أَتيتُ بجندٍ مَعِي، فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَفْعَل مَا أَحَبَّ، فَاسْتَخدم عَسْكَراً وَأَبطَالاً، وَركِبُوا البَحْر فِي الشِّتَاء مُخَاطرَةً.

وَبَغَتَ مِصْر وَسَلِم، فَوَلاَّهُ المستنصرُ مَا وَرَاء بَابه، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ بَقِيَ يبعَثُ إِلَى كُلّ أَمِيْرٍ طَائِفَةً بصورَة رسَالَة،


(١) " الكامل ": ١٠ / ٨٦.
وانظر تفصيل الحديث عن هذه الشدة العظمى في " إغاثة الأمة " للمقريزي: ٢٤ - ٢٧.
(٢) " الكامل ": ١٠ / ٨٦ - ٨٧.
(٣) هو بدر بن عبد الله الجمالي، أبو النجم، أمير الجيوش المصرية. ولي إمارة دمشق للمستنصر ثم استدعاه إلى مصر، واستعان به على إطفاء فتنة نشبت، فوطد له أركان الدولة وأصبح الحاكم في دولته والمرجوع إليه..وكان حازما شديدا على المتمردين.
توفي في القاهرة سنة / ٤٨٧ هـ انظر " الإشارة إلى من نال الوزارة " ٥٥ - ٥٦، و" خطط المقريزي ": ١ / ٣٨١ - ٣٨٢.
(٤) هكذا في الأصل رسما وضبطا، وكذلك في أغلب كتب التاريخ.
أما في " الإشارة إلى من نال الوزارة ": ٥٥ فهو: " بلدكوز ".
وهو من الامراء الاتراك الذين خافوا على أنفسهم من استئثار ناصر الدولة بن حمدان، فقتلوه وقتلوا أخويه فخر العرب وتاج المعالي، فلما خلا الجو للاتراك استطالوا على الخليفة واستبدوا بالامور وطلب أمير الجيوش إلى الخليفة، وهو في طريقه إلى مصر، القبض عليه، فقبض عليه سنة ٤٦٦ / انظر " الكامل ": ١٠ / ٨٧.
(٥) هو الحسن: ابن القاضي ثقة الدين، المعروف بابن كدينة، ولي الوزارة غير مرة وكان سيء الخلق، قاسي القلب.
" الإشارة إلى من نال الوزارة ": ٥١.