للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِهِ حَدَّثَنِي الصُّوْرِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الغنِي يَقُوْلُ:

لَمَّا قَدِمَ الدَّارَقُطْنِيّ مِصْر أَدْرَكَ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الكِنَانِيّ (١) الحَافِظ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَاجتمَعَ مَعَهُ، وَأَخذَا يتذَاكرَانِ، فَلَمْ يزَالاَ كَذَلِكَ حَتَّى ذكر حَمْزَةُ عَنِ ابْنِ عُقْدَة حَدِيْثاً.

فَقَالَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ: أَنْتَ هَا هُنَا؟ ثُمَّ فَتح دِيْوَانَ أَبِي العَبَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ مِنْ حَدِيْثه مَا أَبهَرَ حَمْزَةَ، أَوْ كَمَا قَالَ (٢) .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوْسِيُّ فِي (تَارِيْخه) :كَانَ ابْنُ عُقْدَة زيديّاً (٣) جَاروديّاً (٤) ، عَلَى ذَلِكَ مَاتَ، وَإِنَّمَا ذكرتُهُ فِي جُمْلَة أَصحَابنَا (٥) لكَثْرَةِ رِوَايَاته عَنْهُم.

وَلَهُ تَارِيْخٌ كَبِيْر فِي ذِكْرِ مَنْ رَوَى الحَدِيْثَ مِنَ النَّاسِ كلّهم وَأَخْبَارِهِم، وَلَمْ يكمل، وكتَابُ (السُّنَن) وَهُوَ عَظِيْم، قِيْلَ: إِنَّهُ حِمْل بهيمَة، وَلَهُ كتَاب (مَنْ رَوَى عَنْ عَلِيّ) ، وكتَاب (الجَهْر بِالبَسْمَلَة) ، وكتَاب (أَخْبَار أَبِي حَنِيْفَةَ) ، وكتَاب (الشُّوْرَى) ، وَذَكَرَ أَشيَاء كَثِيْرَة (٦) .

ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي غَالِب يَقُوْلُ:

ابْن عُقْدَة لاَ يتديَّن بِالحَدِيْثِ، لأَنَّه كَانَ يَحْمِلُ شُيُوْخاً بِالكُوْفَةِ عَلَى الْكَذِب، يُسوّي لَهُم نُسخاً، وَيَأْمرُهُم أَنْ يَرْووهَا (٧) .

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ البَاغَنْدِيَّ يَحْكِي فِيْهِ نَحْو ذَلِكَ، وَقَالَ: كتب


(١) صحف في " تاريخ بغداد ": ٥ / ٢١ إلى: الكتاني.
(٢) المصدر السابق.
(٣) أي من أتباع زيد بن علي بن الحسين.
الذي ثار على بني أمية زمن الوليد بن يزيد انظر خلاصة مذهبهم في " الملل والنحل ": ١ / ١٥٤ - ١٥٧.
(٤) إحدى فرق الزيدية، وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد انظر " الملل والنحل ": ١ / ١٥٧ - ١٥٩.
(٥) يقصد: الامامية. فأبو جعفر الطوسي كان إماميا.
(٦) انظر " الفهرست " للطوسي: ٢٨ - ٢٩، وما بين حاصرتين منه.
(٧) " تاريخ بغداد ": ٥ / ٢١.