للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ مُنَاظراً صَاحِبَ حُجَّة.

حجَّ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَردَّ عَلَى الطَّحَاوِيّ فِي مَسْأَلَة النَّبِيذ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الغَرْبِ، وَأَقبَلَ عَلَى شَأْنه، ذكرهُ عيَاض القَاضِي.

فَلَمَّا قَامَ أَبُو يَزِيْدَ مَخْلَد بنَ كِنْدَاد الأَعْرَج رَأْسُ الخَوَارِج عَلَى بنِي عُبَيْد.

خَرَجَ هَذَا الممسِي مَعَهُ فِي عددٍ مِنْ عُلَمَاء القَيْرَوَان لفرْط مَا عَمَّهُم مِنَ البلاَء، فَإِنَّ العُبَيْدِي كَشَفَ أَمرَه، وَأَظْهَرَ مَا يُبْطنُهُ، حَتَّى نصبُوا حَسَنَ الضَّرِيْر السَبَّاب فِي الطُرُق بِأَسجَاع لقَّنوهُ، يَقُوْلُ:

العنُوا الغَار وَمَا حوَى، وَالكِسَاء وَمَا وَعَىَ، وَغَيْر ذَلِكَ، فَمَنْ أَنكر ضُربت عُنُقُه.

وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ دَوْلَةِ الثَّالِث إِسْمَاعِيْل (١) ، فَخَرَجَ مَخْلَد الزَّنَاتِي المَذْكُوْر صَاحِبُ الِحمَارَة، وَكَانَ زَاهِداً، فتحرَّك لقيَامِهِ كُلُّ أَحَد فَفَتَحَ البِلادَ، وَأَخَذَ مَدِيْنَة القَيْرَوَان لَكِنْ عَمِلَت الخَوَارِجُ كُلّ قبيحٍ، حَتَّى أَتَى العُلَمَاء أَبَا يَزِيْدَ يَعيبُوْنَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: نهبُكُم حلاَلٌ لَنَا، فلاَطفُوهُ حَتَّى أَمرَهُم بِالكَفّ، وَتَحَصَّنَ العُبَيْديُّ بِالمهديَّةِ.

وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا يَزِيْدَ لَمَّا أَيقن بِالظُّهور، غَلَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسه الخَارجيَّة،

وَقَالَ لأَمرَائِه: إِذَا لقِيتُم العُبَيْدِيَّة، فَانهزمُوا عَنِ القَيْرَوَانيين، حَتَّى ينَالَ مِنْهُم عدوُّهُم، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَاسْتُشْهِدَ خَلْق، وَذَلِكَ سنَة نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (٢) .

فَالخَوَارِجُ أَعدَاءُ المُسْلِمِيْنَ، وَأَمَّا العُبَيْدِيَّة البَاطنيَة، فَأَعدَاءُ الله وَرَسُوِله.


(١) انظر ترجمته رقم / ٦٧ / من هذا الجزء.
(٢) انظر ص / ١٥٣ / من هذا الجزء، وما بين حاصرتين منه.