قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ الخشَّاب، سَمِعْتُ ابْنَ الأَعْرَابِيّ يَقُوْلُ:
المَعْرِفَةُ كُلُّهَا الاعترَافُ بِالجَهْل، وَالتَّصوفُ كُلُّه تَرْك الفُضُول، وَالزُّهْد كُلُّه أَخْذُ مَا لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَالمعَاملَةُ كُلُّهَا اسْتَعمَالُ الأَوْلَى فَالأَوْلَى، وَالرِّضَى كُلُّه تَرْك الاعترَاض، وَالعَافيَة كُلُّهَا سقوطُ التَّكلُّف بِلاَ تكَلُّف (١) .
وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - قَدْ صَحِبَ الجُنَيْد، وَأَبَا أَحْمَدَ القَلاَنِسِيَّ.
وعَمِلَ (تَارِيْخاً) لِلْبَصْرَة لَمْ أَره.
أَمَا كِتَابهُ فِي (طَبَقَات النُّسَّاك) فَنقَلْتُ مِنْهُ.
وَمِنْ كَلاَمه فِي تَرْجَمَة أَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِي، قَالَ: مَاتَ وَهُم يَتَكَلَّمُوْنَ عِنْدَهُ فِي شَيْءٍ، سكوتهُم عَنْهُ أَوْلَى لأَنَّه شَيْءٌ يتكهنُوْنَ فِيْهِ، وَيتعسَّفون بظُنونهم، فَإِذَا كَانَ أَولئك كَذَلِكَ، فَكَيْفَ بِمَنْ حدَّث بعدَهُم؟
قَالَ أَيْضاً: إِنَّمَا كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: جمع، وَصورَةُ الْجمع عِنْد كُلِّ أَحَدٍ بِخِلاَفهَا عِنْد الآخر، وَكَذَلِكَ صُوْرَةُ الفَنَاء، وَكَانُوا يتَّفِقُوْنَ فِي الأَسْمَاء، وَيَخْتلِفُونَ فِي معنَاهَا، لأَن مَا تَحْتَ الاسْم غَيْر مَحْصُور، لأَنَّهَا مِنَ المَعَارف.
قَالَ: وَكَذَلِكَ عِلْمُ المعْرفَة غَيْرُ محصورٍ لاَ نهَايَة لَهُ وَلاَ لوُجُوده، وَلاَ لِذَوْقِهِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ - وَلَقَدْ أَحسن فِي المَقَال -:فَإِذَا سَمِعْتُ الرَّجُل يَسْأَل عَنِ الجَمْع أَوِ الفَنَاء، أَوْ يُجِيْب فِيْهِمَا، فَاعلمْ أَنَّهُ فَارغٌ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ إِذْ أَهلُهمَا لاَ يَسْأَلُوْنَ عَنْهُ لِعْلمهم أَنَّهُ لاَ يدْرك بِالوَصْف.
قُلْتُ: إِي وَاللهِ، دقَّقُوا وَعمَّقُوا، وَخَاضُوا فِي أَسرَارٍ عَظِيْمَة، مَا
(١) " طبقات الصوفية ": ٤٢٨، وعبارة " بلا تكلف " غير موجودة في الطبقات.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute