للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ تَصَانِيْفُ مَشْهُوْرَةٌ، مِنِ ابْتَغَى الهُدَى مِنْهَا، ضلَّ وَحَارَ مِنْهَا تَخرَّج ابْنُ سينَا، نَسْأَل اللهَ التَّوفيق.

وَقَدْ أَحكَم أَبُو نَصْرٍ العَرَبيةَ بِالعِرَاقِ، وَلقِي مَتّى بنَ يُوْنُسَ (١) صَاحِبَ الْمنطق، فَأَخَذَ عَنْهُ، وَسَارَ إِلَى حرَّان، فَلِزمَ بِهَا يوحنَّا بن جيْلاَن النَّصْرَانِيّ.

وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، وَسَكَنَ دِمَشْق.

فَقِيْلَ: إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْملك سَيْفِ الدَّوْلَة بنِ حَمْدَان وَهْوَ بزِيِّ التُّرك.

وَكَانَ فِيْمَا يُقَال: يَعرفُ سَبْعِيْنَ لِسَاناً، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أُمَرَاءِ الأَتْرَاك، فَجَلَسَ فِي صَدْر المَجْلِس، وَأَخَذَ يُنَاظر العُلَمَاءَ فِي فنُوْنٍ.

فعلا كَلاَمُه، وَبَان فَضْلُه، وَأَنصتُوا لَهُ.

ثُمَّ إِذَا هُوَ أَبرعُ مَنْ يضرِبُ بِالعُود، فَأَخْرَجَ عُوداً مِنْ خَريطَة (٢) ، وَشدَّه، وَلَعِبَ بِهِ، فَفَرِحَ كُلُّ أَهْلِ المَجْلِس، وضحكُوا مِنَ الطَّرب.

ثُمَّ غَيَّر الضَّرْب، فَنَامَ كُلُّ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى البَّوَاب فِيْمَا قِيْلَ.

فَقَامَ وَذَهَبَ (٣) .

وَيُقَالُ: إِنَّهُ هُوَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَرَعَ القَانُوْنَ (٤) .

وَكَانَ يحبّ الوَحدَةَ، وَيصَنِّف (٥) فِي المَوَاضِع النَّزِهَة، وَقلّ مَا يبيِّض مِنْهَا (٦) .


(١) إليه انتهت رياسة المنطقيين في عصره، وكان نصرانيا، توفي ببغداد سنة / ٣٢٨ / هـ. انظر " طبقات الاطباء ": ٣١٧، واسمه فيه " متى بن يونان ".
(٢) مثل الكيس، مشرج،، من أدم أو خرق.
(٣) " وفيات الأعيان ": ٥ / ١٥٥ - ١٥٦.
(٤) المصدر السابق.
(٥) في الأصل: يصيف، وهو تصحيف.
(٦) " وفيات الأعيان ": ٥ / ١٥٦.