للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفرٌ، وَلاَ يريدُهُ أَبُو حَاتِمٍ أَصلاًَ، وَحَاشَاهُ، وَإِنْ كَانَ فِي تقَاسيمِهِ مِنَ الأَقوَالِ، وَالتَّأَويلاَتِ البعيدَةِ، وَالأَحَادِيثِ المنكرَةِ، عجَائِبٌ، وَقَدِ اعترفَ أَنَّ (صحيحَهُ) لاَ يقدرُ عَلَى الكشفِ مِنْهُ إِلاَّ مَنْ حِفْظَهُ، كمنْ عِنْدَهُ مصحفٌ لاَ يقدرُ عَلَى مَوْضِعِ آيَةٍ يريدُهَا مِنْهُ إِلاَّ مَنْ يحفظُهُ (١) .

وَقَالَ فِي (صَحِيْحِهِ) :شرطُنَا فِي نقلِهِ مَا أَودعنَاهُ فِي كتَابِنَا أَلاَّ نحتجَّ إِلاَّ بِأَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ شَيْخٍ فِيْهِ خَمْسَةُ أَشيَاءَ:

العدَالةُ فِي الدِّينِ بِالسَتْرِ الجمِيلِ.

الثَّانِي: الصِّدْقُ فِي الحَدِيْثِ بِالشُّهرَةِ فِيْهِ.

الثَّالِثُ: العقلُ بِمَا يُحَدِّثُ مِنَ الحَدِيْثِ.

الرَّابِعُ: العِلْمُ بِمَا يحيلُ المعنَى مِنْ معَانِي مَا رَوَى.

الخَامِسُ: تَعرِّي خبرَهُ مِنَ التَّدْلِيسِ.

فَمَنْ جمعَ الخِصَالَ الخمسَ احتجَجْنَا بِهِ.

وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عَمَّارٍ الوَاعِظَ، وَقَدْ سأَلتُهُ عَنِ ابْنِ حبَّانَ، فَقَالَ: نَحْنُ أَخرجنَاهُ مِنْ سِجِسْتَانَ، كَانَ لَهُ علمٌ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَبِيْرُ دينٍ، قَدِمَ عَلَيْنَا، فَأَنكرَ الحدَّ للهِ، فَأَخرجنَاهُ.

قُلْتُ: إِنكَارُكُم عَلَيْهِ بدعَةٌ أَيْضاً، وَالخوضُ فِي ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَأْذنْ بِهِ اللهُ، وَلاَ أَتَى نصٌّ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ وَلاَ بِنَفْيِهِ، وَ (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ (٢)) ، وَتَعَالَى اللهُ أَنْ يُحدَّ أَوْ يُوصفَ إِلاَّ بِمَا وَصفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ عَلَّمَهُ


(١) وقد قام بترتيب الصحيح على الكتب والابواب تقريبا لطالبيه مع المحافظة على الأصل الأمير علاء الدين ابو الحسن علي بن بلبان بن عبد الله المصري الحنفي الفقيه النحوي المحدث المتوفى سنة ٧٣٩، ومنه نسخة كاملة في دار الكتاب المصرية في تسع مجلدات، وقد شرعت بعون الله توفيقه مع زميل فاضل لي بتحقيقه وتخريج أحاديثه، ونجز منه الجزء الأول، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتمامه. وبمراجعة المقدمة التي كتبناها له، والتخريجات التي قمنا بها لاحاديثه يتبين لك أن الامام الذهبي رحمه الله قد بخسه حقه ولم ينصفه في قوله " وإن كان في تقاسيمه.."
فإن الاوهام التي وقعت له فيه لا تغض من قيمته، ولا تنقص من قدره لأنه مما يخطئ فيه البشر ومما لا يخلو منه عالم محقق.
(٢) حديث صحيح بشواهده. أخرجه الترمذي (٢٣١٧) ، وابن ماجة (٣٩٧٦) من =