وَإِيَّاكَ يَا أَبا القَاسِمِ، يَعْنِي: وَأَنْتَ.
قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: وَوجدتُ عَنْ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الفَقِيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الطَّبَرَانِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ رُسْتُمَ بنِ فَارِسَ، دَخَلتُ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الكُتَّابِ، فصبَّ عَلَى رجلِهِ خَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا خَرَجَ الكَاتِبُ أَعطَانِيْهَا، فَلَمَّا دَخَلتْ بنتُهُ أُمُّ عدنَانَ، صبَّتْ عَلَى رجلِهِ خَمْسَ مائَةٍ، فَقُمْتُ، فَقَالَ: إِلَى أَينَ؟
قُلْتُ: قُمْتُ لِئَلاَّ يقولَ: جلَسْتُ لِهَذَا، فَقَالَ: ارفَعْ هَذِهِ أَيْضاً، فَلَمَّا كَانَ آخرُ أَمرِهِ، تَكَلَّمَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضيَ اللهُ عَنْهُمَا - بِبَعضِ الشَّيْءِ، فَخَرَجتُ وَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ بَعْدُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ حمْدَانَ، وَأَبا الحَسَنِ المَدِيْنِيَّ، وَغيرَهُمَا، يَقُوْلُوْنَ: سمِعنَا الطَّبَرَانِيَّ يَقُوْلُ: هَذَا الكِتَابُ رُوحي، يَعْنِي (المُعْجَمَ الأَوسطَ) .
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارِسَ اللُّغَوِيُّ: سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ ابنَ العَمِيْدِ يَقُوْلُ: مَا كُنْتُ أَظنُّ أَنَّ فِي الدُّنْيَا حَلاَوَةً أَلذَّ مِنَ الرِّئاسَةِ وَالوزَارَةِ الَّتِي أَنَا فِيْهَا، حَتَّى شَاهدتُ مذَاكرَةَ أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ بحضرتِي، فَكَانَ الطَّبَرَانِيُّ يغلِبُ أَبَا بَكْرٍ بكَثْرَةِ حِفْظِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يغلبُ بِفطنَتِهِ وَذكَائِهِ حَتَّى ارتفعتْ أَصواتُهُما، وَلاَ يكَادُ أَحدُهُمَا يغلبُ صَاحبَهُ، فَقَالَ الجِعَابِيُّ: عِنْدِي حَدِيْثٌ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ عِنْدِي، فَقَالَ: هَاتِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ، وَحَدَّثَ بِحَدِيْثٍ، فَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ، وَمِنِّي سَمِعَهُ أَبُو خَلِيْفَةَ، فَاسمعْ مِنِّي حَتَّى يَعلُو فِيْهِ إِسنَادُكَ، فَخجلَ الجِعَابِيُّ، فَوَدِدْت أَنَّ الوزَارَةَ لَمْ تكنْ، وَكُنْتُ أَنَا الطَّبَرَانِيَّ، وَفرحتُ كفرحِهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute