يورد المغمورين والمجهولين، بعرف أهل الفن في كل عصر لا بعرفنا نحن، إذ لا ريب في أن هناك آلافا من التراجم التي ذكرها لم يسمع بها كثير من المتخصصين في عصرنا.
أما في " السير " فإنه اقتصر فيه على ذكر " الأعلام "، وأسقط المشهورين.
وقد استعمل الذهبي لفظ " الأعلام (١) ليدل على المشهورين جدا بعرفه هو لا بعرف غيره، ذلك أن مفهوم " العلم " يختلف عند مؤلف وآخر استنادا إلى عمق ثقافته ونظرته إلى البراعة في علم من العلوم، أو فن من الفنون، أو عمل من الأعمال، أو أي شيء آخر، لذلك وجدنا أن سعة ثقافة الذهبي، وعظيم اطلاعه، وكثرة معاناته ودربته بهذا الفن قد أدت إلى توسيع هذا المفهوم بحيث صرنا نجد تراجم في " السير " مما لا نجده في كتب تناولت المشهورين، مثل " المنتظم " لابن الجوزي، و " الكامل " لابن الأثير، و " البداية " لابن كثير، و " عقد الجمان " لبدر الدين العيني، وغيرها.
٢- الشمول النوعي: ولم يقتصر الذهبي في " السير " على نوع معين من " الأعلام " بل تنوعت تراجمه فشملت كثيرا من فئات الناس، من الخلفاء، والملوك، والأمراء والسلاطين، والوزراء، والنقباء، والقضاة، والقراء، والمحدثين، والفقهاء، والأدباء، واللغويين، والنحاة، والشعراء، وأرباب الملل والنحل والمتكلمين والفلاسفة، ومجموعة من المعنيين بالعلوم الصرفة.
ومع أن المؤلف قصد أن يكون " السير " شاملا لجميع " أعلام " الناس، إلا أننا وجدناه يؤثر المحدثين على غيرهم، لذلك جاءت الغالبية العظمى من
(١) كانت تراجم الأعلام في تاريخ الإسلام أوسع من تراجم المشهورين، وقد أشار الذهبي في تراجمهم من هذا التاريخ بلفظة " أحد الأعلام " انظر على سبيل المثال الأعلام في الجزء الخامس من تاريخ الإسلام، ص: ٤٤، ٦٨، ٦٩، ٨٩، ٩٨، ١١٦، ١٢١، ١٢٨، ١٣٦، ١٥٢، ١٥٥، ١٧٩، ١٨٤، ٢٢٨، ٢٣٣، ٢٥٧..الخ.