للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المترجمين من أهل العناية بالحديث النبوي الشريف رواية ودراية، وهي فيما نرى ظاهرة طبيعية لما عرفنا من تربية الذهبي ونشأته الحديثية، وحبه لرواية الحديث وشغفه به، ذلك الشغف العظيم الذي ملك عليه قلبه، فهو من صنفهم واسع المعرفة بهم، عظيم الإكبار لهم، شديد الكلف بهم، فضلا عن أن المحدثين هم من أكثر الفئات التي عنيت بالرواية نظرا للأهمية البالغة التي

يحتلها الحديث الشريف في الحياة الإسلامية، ولذلك فإن دراسة أحوال نقلة الحديث وبيان مواليد هم ووفياتهم وآراء العلماء فيهم وشيوخهم والرواة عنهم ونحو ذلك، من الأمور التي تقوم عليها دراسة الأسانيد، ثم معرفة صحيح الحديث من سقيمه.

٣- الشمول المكاني: وقد عمل المؤلف أن يكون كتابه شاملا لتراجم الأعلام من كافة أنحاء العالم الإسلامي من الأندلس غربا إلى أقصى المشرق، وهو شمول قل وجوده في كثير من الكتب العامة التي تناولت تراجم المسلمين، إذ كثيرا ما كانت مثل تلك الكتب تعنى بإيراد تراجم أعلام بلدها أو منطقتها، فابن الجوزي في " المنتظم " مثلا عني بتراجم البغداديين عناية فاقت غيرهم من علماء وأعلام البلدان الأخرى مع أنه أراد لكتابه أن يكون عاما شاملا، ولم يعن كثير من المؤلفين المشارقة الذين ألفوا في التراجم العامة بتراجم المغاربة والأندلسيين (١) ، كما لم يعن كثير من المؤلفين المغاربة والأندلسيين بتراجم المشارقة عنايتهم بتراجم أهل بلدهم، بينما نجد نوعا جيدا من التوازن


(١) ألف زكي الدين المنذري " التكملة لوفيات النقلة " ليكون كتابا عاما في " النقلة " لكل العالم الإسلامي، لكننا وجدناه يقصر تقصيرا كبيرا في تراجم الأندلسيين والمغاربة (انظر كتابنا: المنذري وكتابه التكملة: ٢٣٨ فما بعد النجف ١٩٦٨) .