للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقلي والبرهان المنطقي في دراستها (١) .

وبقدر ما ولد هذا التعصب من تمزق في المجتمع، فإنه ولد في الوقت نفسه نشاطا علميا واضحا في هذا المضمار، تمثل في الكتب الكثيرة التي ألفت فيه.

كما ظهر تحيز واضح في كثير من كتابات العصر.

وكان الجهل والاعتقاد بالخرافات والمغيبات سائدا بين العوام في المجتمع الدمشقي.

وكان التصوف منتشرا في أرجاء البلاد انتشارا واسعا، وظهر بينهم كثير من المشعوذين الذين أثروا على العوام أيما تأثير.

بل عمل الحكام المماليك على الاهتمام بهم، وكان لهم اعتقاد فيهم، فكان للملك

الظاهر بيبرس البندقداري " ت ٦٧٦ هـ " شيخ اسمه الخضر بن أبي بكر بن موسى العدوي، كان " صاحب حال، ونفس مؤثرة، وهمة إبليسية، وحال كاهني "، وكان الظاهر يعظمه، ويزوره أكثر من مرة في الأسبوع، ويطلعه على أسراره، ويستصحبه في أسفاره لاعتقاده التام به (٢) .

وانتشر تقديس الأشياخ، والاعتقاد فيهم، وطلب النذور عند قبورهم، بل كانوا يسجدون لبعض تلك القبور، ويطلبون المغفرة من أصحابها (٣) .

في هذه البيئة الفكرية والعقائدية المضطربة، ولد مؤرخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي في شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٣ (٤) .

وكان من أسرة تركمانية الأصل، تنتهي بالولاء


(١) أبو زهرة: ابن تيمية، ص ٢٥.
(٢) الذهبي: " تاريخ الإسلام " الورقة ٣٦ (أيا صوفيا ٣٠١٤) .
(٣) المصدر نفسه، الورقة ٧٥ (أيا صوفيا ٣٠٠٧) .
(٤) انظر مثلا: الذهبي: " طبقات القراء "، ص ٥٤٩، الصفدي: " الوافي "، ٢ / ١٦٤، و " نكت الهميان "، ص ٢٤٢، وذكر ابن حجر أن مولده في الثالث من الشهر المذكور (الدرر، ٣ / ٤٢٦) .