للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشَارُ إِلَيْهِ فِي زَمَانِهِ بِبَغْدَادَ فِي الزُّهْدِ وَالوَرَع وَكَثْرَةِ القِرَاءة، وَمَعْرِفَةِ الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، تَلاَ عَلَى أَبِي حَفْصٍ الكَتَّانِيّ، وَقرأَ القرَاءاتِ، وَلَمْ يَكُنْ يُعطي مَنْ يقرأُ عَلَيْهِ إِسْنَاداً بِهَا.

وَقَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ المُجْلِي فِي كِتَاب (منَاقب القَزْوِيْنِيّ) :كَانَ يَعْنِي كلمَة إِجمَاعٍ فِي الخَيْر، وَمِمَّنْ جُمعت لَهُ القُلُوْب، فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَمِيْن قَالَ:

كَتَبْتُ عَنْهُ مَجَالِسَ أَملاَهَا فِي مَسْجِدِهِ، وَكَانَ أَيّ جُزء وَقَعَ بِيَدِهِ، خَرَّجَ مِنْهُ عَنْ شَيْخٍ وَاحِد جَمِيْعَ المَجْلِس، وَيَقُوْلُ:

حَدِيْثُ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاَ يُنفَى (١) .

وَكَانَ أَكْثَرُ أُصُوْلِهِ بخطِّه.

وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَبْعُوْنَ القَيْرَوَانِيّ يَقُوْلُ:

القَزْوِيْنِيّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، مَا رَأَيْتُ أَعقل مِنْهُ.

وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الحَسَنِ علق تَعليقَة عَنْ أَبِي القَاسِمِ الدَّارَكِيّ، وَلَهُ تَعليق فِي النَّحْوِ عَنِ ابْنِ جِنِّي، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ المُؤَدِّب وَغَيْرهُ يَقُوْلاَنِ: إِنَّ القَزْوِيْنِيّ سَمِعَ الشَّاة تذكر الله - تَعَالَى -.

وَحَدَّثَنِي هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ أَنَّهُ زَار قَبْرَ ابْنِ القَزْوِيْنِيّ، فَفَتَح ختمَةً هُنَاكَ، وَتفَاءَل لِلشَّيْخِ، فَطَلَعَ أَوّلُ ذَلِكَ: {وَجِيْهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِيْن (٢) } [آل عِمْرَان:٤٥]

وَرُوِيَ عَنِ أَقضَى القُضَاةِ المَاوَرْدِيِّ، قَالَ:

صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي الحَسَنِ القَزْوِيْنِيِّ، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قَمِيْصاً نَقِيّاً مُطَرَّزاً، فَقُلْتُ فِي نَفسِي: أَيْنَ الطّرزُ مِنَ الزُّهْدِ؟

فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! الطّرزُ لاَ ينقُضُ حُكْمَ الزُّهْدِ (٣) .

وَذَكَرَ: مُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ القَزَّازُ، قَالَ:

كَانَ بِبَغْدَادَ زَاهِدٌ، خَشِنُ العَيشِ، وَكَانَ يبلُغُه أَنَّ ابْنَ القَزْوِيْنِيِّ يَأْكُلُ الطَّيِّبَ، وَيَلْبَسُ الرَّقِيقَ، فَقَالَ: سُبْحَانَ


(١) في " طبقات " السبكي: لا ينتقى.
(٢) انظر " طبقات " السبكي ٥ / ٢٦١.
(٣) انظر " طبقات " السبكي ٥ / ٢٦٢.