للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَظْهَرْتُ كُتُبهُ (١) .

قُلْتُ: آخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَبُو العزِّ بنُ كَادش.

قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: كَانَ رَجُلاً عَظِيْمَ القَدْرِ، مُتَقَدِّماً عِنْد السُّلْطَان، أَحَد الأَئِمَّةِ، لَهُ التَّصَانِيْفُ الحِسَان فِي كُلِّ فَن، بَيْنَهُ وَبَيْنَ القَاضِي أَبِي الطَّيب فِي الوَفَاة أَحَدَ عشرَ يَوْماً (٢) .

وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَح: هُوَ مُتَّهَمٌ بِالاعتزَال (٣) ، وَكُنْتُ أَتَأَوّلُ لَهُ، وَأَعْتَذِر عَنْهُ، حَتَّى وَجَدْتُهُ يَختَارُ فِي بَعْضِ الأَوقَات أَقْوَالهُم، قَالَ فِي تَفْسِيْرِهِ: لاَ يَشَاءُ عبَادَة الأَوثَان.

وَقَالَ فِي {جَعَلنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً} [الأَنعَام:١١٢] مَعْنَاهُ: حَكَمْنَا بِأَنَّهُم أَعْدَاء، أَوْ تركنَاهُم عَلَى العدَاوَة، فَلَمْ نَمْنَعهُم مِنْهَا.

فَتَفْسِيْرُه عَظِيْم الضّرر، وَكَانَ لاَ يَتظَاهِر بِالاَنتسَاب إِلَى المُعْتَزِلَة، بَلْ يَتكتَّمُ، وَلَكِنَّهُ لاَ يُوَافقهُم فِي خَلْقِ القُرْآن، وَيُوَافقهُم فِي القَدَرِ (٤) ، قَالَ فِي قَوْله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القَمَر:٤٩] أَي: بِحُكْمٍ سَابِق.

وَكَانَ لاَ يَرَى صِحَّة الرِّوَايَة بِالإِجَازَة.

وَرَوَى خطيبُ المَوْصِلِ، عَنِ ابْنِ بَدْرَان الحُلْوَانِيّ، عَنِ المَاورديّ.


(١) " وفيات الأعيان " ٣ / ٢٨٢ - ٢٨٣، و" طبقات السبكي " ٥ / ٢٦٨، وفيه عقب هذه القصة: لعل هذا بالنسبة إلى " الحاوي "، وإلا فقد رأيت من مصنفاته غيره كثيرا وعليه خطه، ومنه ما أكملت قراءته عليه في حياته.
(٢) " طبقات السبكي " ٥ / ٢٦٨.
(٣) قال المؤلف في " ميزان الاعتدال " ٣ / ١٥٥: صدوق في نفسه لكنه معتزلي، فتعقبه ابن حجر في " اللسان " ٤ / ٢٦٠ بقول: ولا ينبغي أن يطلق عليه اسم الاعتزال.
(٤) الخبر بنحوه إلى هنا في " طبقات السبكي " ٥ / ٢٧٠.