للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاَمه الفَقِيْهُ نَصْر المِصِّيْصِيّ، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ حَاجتنَا إِلَيْهِ.

فَقَالَ: لاَ تَجْزَعْ مِنْ فَوَاته، فَسَوْفَ يَأْتيك مِنَ الدُّنْيَا مَا يَكفِيك فِيمَا بَعْدُ، فَكَانَ كَمَا تَفرَّسَ فِيْهِ (١) .

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَة مِنَ الزُّهْد وَالتَّنَزُّهِ عَنِ الدُّنْيَا وَالتقشُّف، حَكَى لِي بَعْضُ أَهْل العِلْمِ، قَالَ:

صَحِبتُ إِمَام الحَرَمَيْنِ بِخُرَاسَانَ، وَالشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ بِبَغْدَادَ، فَكَانَ طرِيقُهُ عِنْدِي أَفْضَلَ مِنْ طرِيقَةِ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الشَّام، فَرَأَيْتُ الفَقِيْه أَبَا الفَتْح، فَكَانَتْ طرِيقَتُه أَحْسَنَ مِنْ طَرِيقَتَيْهمَا (٢) .

قُلْتُ: كَانَ الفَقِيْهُ نَصْرٌ يُعرف أَيْضاً بِابْنِ أَبِي حَائِط، أَلَّفَ كِتَاب (الانتخَابِ الدِّمَشْقِيِّ) فِي بَضْعَةَ عَشرَ مُجلَّداً، وَلَهُ كِتَاب (التَّهْذِيب) فِي المَذْهَب، فِي عَشْرَة أَسفَار، وَلَهُ كِتَاب (الكَافِي) فِي المَذْهَب، مُجلَّد، مَا فِيْهِ أَقْوَال وَلاَ وُجُوه.

وَعَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة بَاب الصَّغِيْر.

قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.

قُلْتُ: فِي مَجَالِسه غَلطَاتٌ، وَأَحَادِيْثُ وَاهيَة.

قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَحَاسِن مُحَمَّدِ بن هَاشِمِ بنِ عَبد القَاهِر بن عَقِيْل العَبَّاسِيّ بِبُسْتَانه، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ عَقِيْلِ بن عُثْمَانَ العَبَّاسِيّ المُعَدَّل فِي سَنَةِ


(١) " تبيين كذب المفتري ": ٢٨٦، و" طبقات السبكي ": ٥ / ٢٥٢ - ٢٥٣.
(٢) " تبيين كذب المفتري ": ٢٨٧، " تهذيب الأسماء واللغات ": ٢ / ١٢٥، و" طبقات السبكي ": ٥ / ٢٥٣.