للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِد يَقُوْلُوْنَ: كَانَ الأَبِيوَرْدِي يَقُوْلُ فِي صَلاَتِهِ: اللَّهُمَّ ملِّكْنِي مشَارق الأَرْض وَمَغَارِبَهَا.

قُلْتُ: هُوَ ريَّان مِنَ العُلُوْم، مَوْصُوْفٌ بِالدّين وَالوَرَع، إِلاَّ أَنَّهُ تيَّاهُ، مُعْجَبٌ بِنَفْسِهِ، قَدْ قَتَلَهُ حُبُّ السُّؤْدُدِ، وَكَانَ جَمِيْلاً لبَّاساً لَهُ هيئَة وَرُوَاء، وَكَانَ يَفتخِرُ، وَيَكْتُب اسْمَه: العبشمِي المُعَاوِيّ.

يُقَالُ: إِنَّهُ كتب رُقعَة إِلَى الخَلِيْفَة المُسْتظهِر بِاللهِ، وَكَتَبَ: المَمْلُوْكُ المُعَاوِيّ (١) ، فَحكَّ المُسْتظهر المِيم، فَصَارَ العَاوِي، وَردَّ الرُّقعَة إِلَيْهِ.

قَالَ حَمَّادٌ الحَرَّانِيّ: سَمِعْتُ السِّلَفِيّ يَقُوْلُ:

كَانَ الأَبِيْوَرْدِي - وَاللهِ - مِنْ أَهْلِ الدّين وَالخَيْرِ وَالصَّلاَحِ وَالثِّقَة، قَالَ لِي: وَاللهِ مَا نمتُ فِي بَيْت فِيْهِ كِتَابُ اللهِ، وَلاَ حَدِيْثُ رَسُوْل اللهِ احترَاماً لَهُمَا أَنْ يَبْدُوَ مِنِّي شَيْءٌ لاَ يَجُوْز.

أَنشدنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَنشدنَا الأَبِيوَرْدِي لِنَفْسِهِ:

وَشَادِنٍ زَارَنِي عَلَى عَجَلٍ ... كَالبَدْرِ فِي صَفْحَةِ الدُّجَى لَمَعَا

فَلَمْ أَزَلْ مُوْهِناً أُحَدِّثُهُ ... وَالبَدْرُ يُصْغِي إِلَيَّ مُسْتَمِعَا

وَصَلْتُ خَدِّي بِخَدِّهِ شَغَفاً ... حَتَّى التَقَى الرَّوْضُ وَالغَدِيْرُ مَعَا (٢)

قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ فِي (السِّيَاقِ) :فَخْرُ العربِ أَبُو المُظَفَّرِ الأَبِيوَرْدِي الكُوفَنِي (٣) ، الرَّئِيْسُ الأَدِيْبُ، الكَاتِب النَسَّابَةُ، مِنْ مَفَاخر الْعَصْر،


(١) نسبة إلى معاوية الاصغر المقدم ذكره في عمود نسبه، وهو معاوية بن محمد بن عثمان بن عنبسة بن عتبة بن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان.
(٢) لم ترد هذه الابيات في ديوانه المطبوع.
(٣) نسبة إلى كوفن: بليدة صغيرة على ستة فراسخ من أبيورد بخراسان بناها أمير خراسان عبد الله بن طاهر بن الحسين في خلافة المأمون، وهي مسقط رأس أبي المظفر ومنشؤوه.