للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ طَاهِر، فَلَمْ يُتقن نسبه، وَقَالَ: كَانَ أَوحدَ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي عُلُوْمٍ عِدَّةٍ.

وَقَدْ عَمِلَ السِّلَفِيّ لَهُ سِيرَةً وَطوَّل، وَقَالَ: كَانَ فِي زَمَانِهِ دُرَّةَ وِشَاحِهِ، وَغُرَّةَ أَوضَاحِهِ، وَمَالِكَ رِقِّ المَعَانِي، فَلِلَّه دَرُّهُ حِيْنَ يَتنَاثرُ مِنْ فِيْهِ دُرُّهُ.

فِي كُلِّ مَعْنَىً يَكَادُ المَيْتُ يَفْهَمُهُ ... حُسْناً وَيَعْبُدُهُ القِرْطَاسُ وَالقَلَمُ

هَذَا مَعَ مَا تَجَمَّع فِيْهِ مِنَ الخَلاَّل الرَّضِيَّةِ، وَالخِصَالِ المرضيَّةِ، كَالتَّبَحُّرِ فِي اللُّغَةِ، وَالتَّقَدُّم فِي النَّحْوِ، وَالمَعْرِفَةِ برِجَالِ الحَدِيْث وَالأَنسَابِ، وَنزَاهَةِ النَفْس، وَالمُوَاظبَةِ عَلَى الشَّرعِ، وَالتَّوَاضعِ الزَّائِد لِلزَّاهِدين، وَالصَّلَفِ التَّام عَلَى أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ نَادِرَةً فِي أَنسَابِ العربِ قَاطبَةً، كَأَنَّهُ


= فإيها بني الإسلام إن وراءكم * وقائع يلحقن الذرى بالمناسم
أتهويمة في ظل أمن وغبطة * وعيش كنوار الخميلة ناعم
وكيف تنام العين ملء جفونها * على هفوات أيقظت كل نائم
وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم * ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الروم الهوان وأنتم * تجرون ذيل الخفض فعل المسالم
وكم من دماء قد أبيحت ومن دمى * تواري حياء حسنها بالمعاصم
بحيث السيوف البيض محمرة الظبى * وسمر العوالي داميات اللهاذم
وبين اختلاس الطعن والضرب وقفة * تظل لها الولدان شيب القوادم
وتلك حروب من يغب عن غمارها * ليسلم يقرع بعدها سن نادم
أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى * رماحهم والدين واهي الدعائم
ويجتنبون النار خوفا من الردى * ولا يحسبون العار ضربة لازم
أترضى صناديد الاعاريب بالاذى * ويغضي على ذل كماة الاعاجم
فليتهم إذ لم يذودوا حمية * عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم
وإن زهدوا في الاجر إذ حمس الوغى * فهلا أتوه رغبة في الغنائم
لئن أذعنت تلك الخياشيم للبرى * فلا عطسوا إلا بأجدع راغم
انظر الديوان: ٢ / ١٥٦ - ١٥٧.