للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ كَانَ مُدْرَكاً بِالنَّظَر، وُصِلَ إِلَيْهِ وَلاَ بُدَّ، وَإِنْ كَانَ مُدْرَكاً بِالخَبَر، فَمَا ثَبَتَ فِيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ يُدْرَكُ بِالحَال وَالعِرفَان، فَهَذِهِ دعوَى مَحضَة، فَلَعَلَّهُ عَنَى بِإِفشَائِهِ أَن نُعَمِّق فِي القَدَرِ، وَنبحثَ فِيْهِ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد الكَرِيْم (١) ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ السَّخَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا حطلبا بن قمرِيَة الصُّوْفِيّ، أَخْبَرَنَا سَعْدُ بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايينِي بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، قَالَ:

اعْلم أَنَّ الدِّين شَطرَانِ: أَحَدُهُمَا تَركُ المَنَاهِي، وَالآخرُ فِعلُ الطَّاعَات، وَتركُ المنَاهِي هُوَ الأَشَدُّ، وَالطَّاعَات يَقْدِرُ عَلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَتركُ الشَّهوَات لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلاَّ الصِّدِّيْقُوْنَ، وَلذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوْءَ، وَالمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ هَوَاهُ) (٢) .


(١) ترجمه المؤلف في مشيخته الورقة: ١٤٠، فقال: هو محمد بن عبد الكريم بن علي بن أحمد المقرئ المعمر، نظام الدين أبو عبد الله التبريزي، ثم الدمشقي الشافعي، ولد في حدود سنة عشر وست مئة في دولة العادل، وكان يسافر مع ابنه للتجارة، فذكر لي أنه قرأ لأبي عمر ختمة على أبي القاسم الصفراوي، وأراني إجازته من السخاوي بالسبع في سنة خمس وثلاثين وست مئة، وقرأ بأربع روايات على المنتخب الهمذاني، وسمع بحلب من أبي القاسم بن رواحة وجماعة، وكان له حلقة مصدرة، ومسجد بناحية المارستان، وكان خيرا متواضعا.
عرضت عليه ختمة لعلو سنده، وطال بعد ذلك عمره، واستولى عليه الهرم والمرض، وبقي بالمارستان النوري قريب السنة وافتقر.
مات في ربيع الآخر سنة أربع وسبع مئة.
(٢) صحيح، وأخرجه الامام أحمد: ٦ / ٢١ من طريق الليث بن سعد عن أبي هانئ الخولاني عن عمرو بن مالك الجنبي - وقد تحرف فيه إلى الجبني - عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: " ألا أخبركم بالمؤمن، من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ": وصححه ابن حبان (٢٥) ، والحاكم: ١ / ١٠، ١١، ووافقه الذهبي، وله شاهد من حديث أنس عند ابن حبان (٢٦) ، والحاكم: ١ / ١١.