للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ العبدرِي: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْد القَادِرِ الطُّوْسِيّ يَحْلِفُ بِاللهِ أَنَّهُ أَبصر فِي نَوْمه كَأَنَّهُ يَنظر فِي كتب الغزَالِي - رَحِمَهُ اللهُ - فَإِذَا هِيَ كُلُّهَا تَصَاوِيْر.

قُلْتُ: الغَزَّالِي إِمَامٌ كَبِيْر، وَمَا مِنْ شَرطِ العَالِم أَنَّهُ لاَ يُخطِئ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الطُّرْطُوشِي فِي رِسَالَة لَهُ إِلَى ابْنِ مُظَفَّر: فَأَمَّا مَا ذكرت مِنْ أَبِي حَامِد، فَقَدْ رَأَيْتُهُ، وَكَلَّمتُهُ، فَرَأَيْتهُ جَلِيْلاً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَاجتمع فِيْهِ العَقْلُ وَالفهْمُ، وَمَارسَ العُلُوْمَ طُولَ عُمُره، وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ مُعْظَمَ زَمَانِهِ، ثُمَّ بدَا لَهُ عَنْ طَرِيْق العُلَمَاء، وَدَخَلَ فِي غُمَارِ العُمَّال، ثُمَّ تَصَوَّف، وَهجر العُلُوْمَ وَأَهْلهَا، وَدَخَلَ فِي عُلُوْم الخوَاطِرِ، وَأَربَابِ الْقُلُوب، وَوسَاوسِ الشَّيْطَان، ثُمَّ شَابَهَا بآرَاء الفَلاَسِفَةِ، وَرُموز الحلاَّجِ، وَجَعَلَ يَطْعُنُ عَلَى الفُقَهَاء وَالمتكلِّمِين، وَلَقَدْ كَادَ أَنْ يَنسلِخَ مِنَ الدِّين، فَلَمَّا عمل (الإِحيَاء) ، عَمَدَ يَتَكَلَّم فِي عُلُوْم الأَحْوَال، وَمرَامزِ الصُّوْفِيَّة، وَكَانَ غَيْرَ أَنِيسٍ بِهَا، وَلاَ خبِير بِمَعْرِفَتِهَا، فَسَقَطَ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ، وَشحن كِتَابَهُ بِالمَوْضُوْعَات.

قُلْتُ: أَمَّا (الإِحيَاء) فَفِيْهِ مِنَ الأَحَادِيْثِ البَاطِلَة جُمْلَةٌ (١) ، وَفِيْهِ خَيْر


(١) وقد جمع الامام السبكي في طبقاته: ٦ / ٢٨٧ - ٣٨٨ الأحاديث الواقعة في كتاب الاحياء التي لم يجد لها إسنادا، وعدتها ٩٤٣ حديثا تقريبا.
وقد خرج أحاديث الاحياء كلها الحافظ أبو الفضل بعد الرحيم العراقي المتوفى سنة ٨٠٦ هـ في كتاب سماه " المغني عن حمل الاسفار في الاسفار في تخريج ما في الاحياء من الاخبار " وهو مطبوع مع الاحياء، وقد عزا كل حديث إلى مصدره، وأبان عن درجة كل واحد منها، وكثير منها حكم عليه بالضعف أو الوضع، أو أنه لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليحذر الكتاب والخطباء والمدرسون والوعاظ من تناول ما في الاحياء من الأحاديث، والاستشهاد بها ما لم يتبينوا صحتها من تخريجات الحافظ العراقي، فقد قال محدث الديار
الشامية الشيخ بدر الدين الحسني: لا يجوز إسناد حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا نص على =