الملك إنما صار إليك بموت من كان قبلك، وهو خارج عنك بمثل ما صار إليك، فاتق الله فيما خولك من هذه الأمة، فإن الله عزوجل سائلك عن النقير والقطمير والفتيل، واعلم أن الله عزوجل آتى سليمان بن داود ملك الدنيا بحذافيرها، فسخر له الانس والجن والشياطين والطير والوحش والبهائم، وسخر له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، ورفع عنه حساب ذلك أجمع، فقال عز من قائل: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) فما عد ذلك نعمة كما عددتموها، ولا حسبها كرامة كما حسبتموها، بل خاف أن يكون استدراجا من الله عز وجل، فقال: (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) فافتح الباب، وسهل الحجاب، وانصر المظلوم. (٢) وهو من أمتع الكتب، وأجودها في بابها، وكفى به دليلا على فضله، يقال: إنه كتب على اللوحة الأولى منه هذان البيتان: الناس يهدون على قدرهم * لكنني أهدي على قدري يهدون ما يفنى وأهدي الذي * يبقى على الايام والدهر