للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلاَ لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي وَاصفِرِي ... (١)

مَاتَ أَبُو عَامِرٍ حَافظُ حَدِيْثِ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ شَاءَ، فَلْيَقُلْ مَا شَاءَ.

وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ العَبْدَرِيُّ أَحْفَظَ شَيْخٍ لَقِيْتُهُ، وَكَانَ فَقِيْهاً دَاوودياً، ذكر أَنَّهُ دَخَلَ دِمَشْق فِي حَيَاة أَبِي القَاسِمِ بنِ أَبِي العَلاَءِ، وَسَمِعتُهُ وَقَدْ ذُكِرَ مَالِك، فَقَالَ: جِلْفٌ جَاف، ضَرَبَ هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ بِالدُّرَّة، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ (الأَمْوَال) لأَبِي عُبَيْدٍ، فَقَالَ - وَقَدْ مرَّ قَوْلٌ لأَبِي عُبَيْدٍ -:مَا كَانَ إِلاَّ حِمَاراً مُغَفَّلاً (٢) ، لاَ يَعرِفُ الفِقْه.

وَقِيْلَ لِي عَنْهُ: إِنَّهُ قَالَ فِي إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيّ: أَعْوَرُ سوء، فَاجتَمَعْنَا يَوْماً عِنْد ابْن السَّمَرْقَنْدي فِي قِرَاءة كِتَاب (الكَامِل) ، فَجَاءَ فِيْهِ: وَقَالَ السَّعْدِيُّ كَذَا، فَقَالَ: يَكْذِبُ ابْنُ عَدِيٍّ، إِنَّمَا ذَا قَوْلُ إِبْرَاهِيْم الجَوْزَجَانِيّ، فَقُلْتُ لَهُ: فَهُوَ السَّعْدِيّ، فَإِلَى كَمْ نحتمِلُ مِنْكَ سوءَ الأَدَب، تَقُوْلُ فِي إِبْرَاهِيْمَ كَذَا وَكَذَا، وَتَقُوْلُ فِي مَالِكٍ جَاف، وَتَقُوْلُ فِي أَبِي عُبَيْدٍ؟!

فَغَضِبَ وَأَخَذته الرِّعدَة، وَقَالَ: كَانَ ابْنُ الخَاضبَة وَالبَرَدَانِي وَغَيْرهُمَا يَخَافُونِي، فآلَ الأَمْرُ إِلَى أَنْ تَقُوْلُ فِيَّ هَذَا؟!

فَقَالَ لَهُ ابْنُ السَّمَرْقَنْدي: هَذَا بِذَاكَ.

فَقُلْتُ: إِنَّمَا نَحْتَرِمُكَ مَا احترمتَ الأَئِمَّة.

فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ علمتُ مِنْ علم الحَدِيْث مَا لَمْ


(١) الرجز في " فصل المقال شرح الأمثال " ص: ٣٦٤ لكليب بن ربيعة، وهو كليب وائل، كان له حمى لا يقرب، فباضت فيه قبرة فأجارها، وقال يخاطبها: يا لك من قبرة بمعمر * خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري وإنما يصفر الطائر ويتغنى في الخصب.
ويقال: إنها لطرفة، انظر " مجمع الاثمال ": ٢٣٩، اللسان: قبر، والخزانة: ١ / ٤١٧.
(٢) في الأصل: حمار مغفل.