للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفوة الخلق، واستطال بلسانه على أئمة الشافعيين والحنفيين، ومال فأفرط على الأشاعرة، ومدح فزاد في المجسمة، هذا وهو الحافظ المدره، والإمام المبجل، فما ظنك بعوام المؤرخين " (١) .

وذكر في موضع آخر أنه نقل من خط صلاح الدين خليل بن كيلكلدي العلائي " ٧٦١ ٦٩٤ هـ "، وهو من تلاميذ الذهبي والمتصلين به (٢) ، أنه قال ما نصه: " الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي لا أشك في دينه وورعه وتحريه فيما يقوله الناس، ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات، ومنافرة التأويل، والغفلة عن التنزيه، حتى أثر ذلك في طبعه انحرافا شديدا عن أهل التنزيه، وميلا قويا إلى أهل الإثبات، فإذا ترجم لواحد منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويبالغ في وصفه، ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن، وإذا ذكر أحدا من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزالي ونحو هما لا يبالغ في وصفه، ويكثر من قول من طعن فيه، ويعيد ذلك ويبديه، يعتقده دينا، وهو لا يشعر، ويعرض عن محاسنهم الطافحة، فلا يستوعبها، وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة، ذكرها.

وكذلك فعله في أهل عصرنا، إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته: والله يصلحه، ونحو ذلك وسببه المخالفة في العقائد " (٣) .

ثم ذكر السبكي أن الحال أزيد مما وصف العلائي، ثم قال: " والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه، وعدم اعتبار قوله، ولم يكن يستجرئ أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه " (٤)


(١) ٩ / ١٠٤ ١٠٣.
(٢) ابن حجر: " الدرر " ٢ / ١٧٩ - ١٨٢.
(٣) " الطبقات " ٢ / ١٣.
(٤) نفسه ٢ / ١٤ ١٣.
سير ١ / ٩