للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالغ السبكي بعد ذلك، فقال: " إن الذهبي متقصد في ذلك، وأنه كان يغضب عند ترجمته لواحد من علماء الحنيفية والمالكية والشافعية غضبا شديدا، ثم يقرطم الكلام ويمزقه، ثم هو مع ذلك غير خبير بمدلولات الألفاظ كما ينبغي، فربما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها، لما نطق بها " (١) .

وقد أثارت انتقادات السبكي هذه نقاشا بين المؤرخين، فرد عليه السخاوي " ت ٩٠٢ - هـ " حيث اتهم السبكي بالتعصب الزائد للأشاعرة، ونقل قول عز الدين الكناني " ت ٨١٩ هـ " في السبكي: " هو رجل قليل الأدب، عديم الإنصاف، جاهل بأهل السنة ورتبهم (٢) .

وقال يوسف بن عبد الهادي " ت ٩٠٩ هـ " في معجم الشافعية: " وكلامه هذا في حق الذهبي غير مقبول فإن الذهبي كان أجل من أن يقول ما لا حقيقة له ... والإنكار عليه أشد من الإنكار على الذهبي لا سيما وهو شيخه وأستاذه فما كان ينبغي له أن يفرط فيه هذا الإفراط (٣) ".

والحق أن السبكي أشعري جلد متعصب غاية التعصب، ولا أدل على ذلك من شتيمته المقذعة في حق الذهبي في ترجمة أبي الحسن الأشعري من الطبقات، فقد سف بها إسفافا كثيرا بسبب عدم قيام الذهبي بترجمته ترجمة طويلة في " تاريخ الإسلام " ولأنه اكتفى بإحالة القارئ إلى كتاب " تبيين كذب المفتري " لابن عساكر، فعد ذلك نقيصة كبيرة في حق الأشعري (٤) . وقد قرأ


(١) نفسه ٢ / ١٤.
(٢) " الإعلان " ص ٤٦٩ فما بعد.
(٣) " معجم الشافعية "، الورقة ٤٨ ٤٧ (ظاهرية) .
(٤) الذهبي: " تاريخ الإسلام "، الورقة ١٣٣ ١٣٢ (أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٩) . وقد وصف الذهبي الأشعري بأحسن الأوصاف، وذكر تصانيفه: وقال " من نظر في هذه الكتب عرف محله، ومن أراد أن يتبحر في معرفة الأشعري، فليطالع كتاب تبيين كذب المفتري..".