للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَمَّرَ أَسوَارَ حَلَبَ أَكمَلَ عمَارَةٍ.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ عبثَ بِالشَّاعِر الحلِّيِّ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ الحِلِّيُّ: أَنظِمُ؟ يُعَرِّضُ بِالهجَاءِ.

فَقَالَ الظَّاهِرُ: أَنْثُرُ؟ وَقبضَ عَلَى السَّيْف.

قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (١) : كَانَ مَهِيْباً سَائِساً، فَطناً، دَوْلَتُهُ معمورَةٌ بِالعُلَمَاءِ، مُزَيَّنَةٌ بِالمُلُوْكِ وَالأُمَرَاءِ، وَكَانَ مُحسناً إِلَى الرعيَّةِ، وَشَهِدَ مُعْظَمَ غَزَوَاتِ وَالِدِهِ، وَكَانَ يَزورُ الصَّالِحِيْنَ، وَيَتفقَّدهُم، وَلَهُ ذكَاءٌ مُفْرِطٌ، مَاتَ بِعلَّةِ الذَّربِ.

قَالَ أَبُو شَامَةَ (٢) : أَوْصَى فِي مَوْتِهِ بِالمُلْكِ لِولدِهِ مِنْ بِنْتِ العَادِلِ، وَأَرَادَ أَنْ يُرَاعِيْهَا إِخْوَتُهَا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لأَحْمَدَ، ثُمَّ لِلْمَنْصُوْرِ مُحَمَّدِ ابْنِ أَخِيْهِ المَلِكِ العَزِيْزِ، وَفوَّضَ القَلْعَةَ إِلَى طغرِيل الخَادِمِ الرُّوْمِيِّ، تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.

قُلْتُ: كَانَ يُفِيقُ، وَيَتشهَّدُ، وَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ بِكَ أَسْتجيرُ.

وَرثَاهُ شَاعِرُهُ رَاجِحٌ (٣) الحلِّيُّ، فَقَالَ (٤) :

سَلِ الخَطْبَ إِنْ أَصْغَى إِلَى مَنْ يُخَاطِبُهُ ... بِمَنْ عَلِقَتْ أَنْيَابُهُ وَمَخَالِبُهْ

نشدتُكَ عَاتِبْهُ عَلَى نَائِبَاتِهِ ... وَإِنْ كَانَ لاَ يَلْوِي عَلَى مَنْ يُعَاتِبُهْ (٥)

إِلَى (٦) اللهِ أَرمِي بِطَرْفِي ضَلاَلَةً ... إِلَى أُفْقِ مَجْدٍ قَدْ تَهَاوَتْ كَوَاكِبُهْ


(١) يعني: سبط ابن الجوزي، وانظر (المرآة) : ٨ / ٥٧٩.
(٢) (ذيل الروضتين) : ٩٤.
(٣) توفي راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم الأسدي الحلي سنة ٦٢٧ وهو من الشعراء المشهورين.
(٤) أوردها ابن خلكان بطولها وهي سبعة وأربعون بيتا:
(٥) ابن خلكان: وإن كان نائي السمع عمن يعاتبه.
(٦) ابن خلكان: لي الله.