للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: خَلَّف بِنْتاً، فَتَزَوَّجَهَا المَلِكُ الجَوَاد، فَلَمَّا تَسَلْطن عمّهَا الصَّالِح فَسخ نِكَاحهَا، وَلأَنَّهُ حلف بِطَلاَقهَا عَلَى شَيْءٍ فَعله، ثُمَّ زوّجهَا بِوَلَدِهِ المَنْصُوْر مُحَمَّد، فَدَامت فِي صُحبته إِلَى اليَوْمِ.

وَكَانَ لِلأَشرف مَيْل إِلَى المُحَدِّثِيْنَ وَالحَنَابِلَة؛ قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: وَقعت فِتْنَة بَيْنَ الشَّافِعِيَّة وَالحَنَابِلَة بِسَبَب العقَائِد.

قَالَ: وَتعصّب الشَّيْخ عِزّ الدِّيْنِ بن عَبْدِ السَّلاَمِ عَلَى الحَنَابِلَة، وَجَرَتْ خَبطَة، حَتَّى كتب عِزّ الدِّيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ- إِلَى الأَشْرَف يَقع فِيهِم، وَأَنَّ النَّاصح سَاعِد عَلَى فَتح بَاب السَّلاَمَة لعَسْكَر الظَّاهِر وَالأَفْضَل عِنْدَمَا حَاصرُوا العَادل، فَكَتَبَ الأَشْرَف: يَا عِزّ الدِّيْنِ، الفِتْنَة سَاكنَة لَعَنَ اللهُ مثيرهَا، وَأَمَّا بَاب السَّلاَمَة فَكمَا قِيْلَ:

وَجُرْم جَرَّهُ سُفَهَاء ُقَوْمٍ ... فَحَلَّ بِغَيْرِ جَانِيهِ العَذَابُ

وَقَدْ تَابَ الأَشْرَف فِي مَرَضِهِ وَابتهل، وَأَكْثَر الذّكر وَالاسْتِغْفَار.

قُلْتُ: مرض مَرَضَيْنِ مُخْتَلِفيْن فِي أَعلاَهُ وَأَسفله، فَقِيْلَ: كَانَ الجرَائِحِي يُخْرِج مِنْ رَأْسِهِ عِظَاماً، وَهُوَ يَحمد الله.

وَلَمَّا احتُضِر، قَالَ لابْنِ موسك: هَاتِ وَديعتِي، فَجَاءَ بِمئزر صُوْف فِيْهِ خِرقٌ مِنْ آثَار المَشَايِخ، وَإِزَار عَتِيْق، فَقَالَ: يَكُوْن هَذَا عَلَى بَدَنِي أَتقِي بِهِ النَّار، وَهَبَنِيه إِنْسَان حَبَشِيّ مِنَ الأَبْدَال كَانَ بِالرُّهَا (١) .

وَقَالَ ابْنُ حَمُّوَيْه: كَانَ بِهِ دمَامل فِي رَأْسه وَمَخْرَجِه، وَتَأَسّف الْخلق عَلَيْهِ.

قُلْتُ: كَانَ يُبَالِغ فِي تَعْظِيْم الشَّيْخ الفَقِيْه (٢) ، تَوضأَ الفَقِيْه يَوْماً، فَوَثَبَ


(١) المرآة: ٨ / ٧١٦، بتصرف.
(٢) يعني: اليونيني.