للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالكليَّة، وَقَدْ ذَهَبت إِحْدَى عينِيه (١) ، وَفِي الآخَرِ أَصَابه دوسنطَارِيَا (٢) عِشْرِيْنَ يَوْماً وَمَاتَ، وَمَا أَطلق فِي مَرَضِهِ شَيْئاً مِمَّا كَانَ أَحَدثه مِنَ الرّسوم.

قَالَ: وَكَانَ سَيِّئ السّيرَة، خرّب العِرَاق فِي أَيَّامِهِ، وَتَفرَّق أَهْله فِي البِلاَد، وَأَخَذَ أَمْوَالهُم وَأَملاَكهُم ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:

وَجَعَلَ همّه فِي رمِي الْبُنْدُق وَالطيور المنَاسيب وَسرَاويلاَت الفتوَّة.

وَنَقَلَ الظّهير الكَازَرُوْنِيّ فِيمَا أَجَاز لَنَا (٣) : إِنَّ النَّاصِر فِي وَسط خِلاَفَته همّ بِترك الخِلاَفَة وَبِالاَنقطَاع إِلَى التّعبد، وَكَتَبَ عَنْهُ ابْن الضَّحَّاك (٤) تَوقيعَا قُرئ عَلَى الأَعيَان، وَبَنَى رِبَاطاً لِلْفُقَرَاء، وَاتَّخَذَ إِلَى جَانب الرِّبَاط دَاراً لِنَفْسِهِ كَانَ يَتردَّد إِلَيْهَا وَيَحَادث الصُّوْفِيَّة، وَعمِلَ لَهُ ثيَاباً كَبِيْرَة بزِيّ القَوْم.

قُلْتُ: ثُمَّ نبذ هَذَا وَملّ (٥) .

وَمِنَ الحوَادث فِي دَوْلَته قدوم أَسرَى الفِرَنْج إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ هزمهُم صَلاَح الدِّيْنِ نَوْبَة مَرج العُيُون (٦) ، وَمِنَ التّحف ضلع حوت طوله عَشْرَة أَذرع فِي عرض ذِرَاع، وَجَوَاهر مثمنَة.

وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي آخِرِ دَوْلَة المُسْتَضِيْء.


(١) وتمام الخبر: " والاخرى يبصر بها إبصارا ضعيفا ".
(٢) هو المعروف عندنا بالدزانتري.
(٣) الظاهر أن الذهبي نقل ذلك من تاريخه الكبير، وليس من " المختصر " الذي حققه الدكتور مصطفى جواد (بغداد: ١٣٧٠) ، فما وجدته فيه.
(٤) هو عضد الدين أبو نصر المبارك بن الضحاك، كان أستاذ الدار العزيزة (رئيس الديوان الملكي أو الجمهوري على عصرنا) وليها سنة ٦٠٦ وبقي فيها إلى حين وفاته سنة ٦٢٧ (الجامع المختصر لابن الساعي: ٩ / ٢٨٥، وتلخيص ابن الفوطي: ٤ / ١ / ٤٥٠ وغيرهما) .
(٥) قال بشار عواد: قد وقفت على هذا التوقيع في كتاب " أخبار الزهاد " لابن الساعي الذي اكتشفته في دار الكتب المصرية سنة ١٣٨٥ / ١٩٦٥، ونشرت عنه بحثا في مجلة المورد العراقية (العدد الثالث من السنة الثالثة: ١٩٧٤) .
(٦) مرج واسع بين نهر اليرموك وشقيف أرنون.