للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (١) : قل بصر النَّاصِر فِي الآخَرِ، وَقِيْلَ: ذهب جُمْلَةً، وَكَانَ خَادمه رَشِيق قَدِ اسْتولَى عَلَى الخِلاَفَة، وَبَقِيَ يُوقع عَنْهُ، وَكَانَ بِالخَلِيْفَة أَمرَاض مِنْهَا عسر الْبَوْل وَالحصَى، فَشَقَّ ذكرهُ مرَاراً وَمآل أَمره مِنْهُ كَانَ المَوْت.

قَالَ: وَغسّله خَالِي مُحْيِي الدِّيْنِ.

قَالَ المُوَفَّقُ عَبْد اللَّطِيْفِ: أَمَا مرض مَوْته فَسهوٌ وَنسيَان؛ بَقِيَ بِهِ سِتَّة أَشْهُرٍ وَلَمْ يَشعر أَحَد مِنَ الرَّعِيَّةِ بكُنه حَاله حَتَّى خفِي عَلَى الوَزِيْر وَأَهْل الدَّار، وَكَانَ لَهُ جَارِيَة قَدْ علّمهَا الخطّ بِنَفْسِهِ، فَكَانَتْ تَكتب مِثْل خطّه، فَكَانَتْ تَكتب عَلَى التَّواقيع بِمشُوْرَة القهرمَانَة، وَفِي أَثْنَاء ذَلِكَ نَزل جَلاَل الدِّيْنِ مُحَمَّد بن تَكِشّ خُوَارِزْمشَاه عَلَى ضوَاحِي بَغْدَاد هَارباً منفضّاً مِنَ الرِّجَالِ وَالمَال وَالدّوَاب، فَأَفسد بِمَا وَصلت يَده إِلَيْهِ، فَكَانُوا يَدَارُوْنَهُ وَلاَ يُمضون فِيْهِ أَمر لغيبَة رَأْي النَّاصِر، ثُمَّ نهبَ دقوقا، وَرَاح إِلَى أَذْرَبِيْجَان.

نَقَلَ العَدْل شَمْس الدِّيْنِ الجَزَرِيّ فِي (تَارِيْخِهِ (٢)) ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

سَمِعْتُ المُؤَيَّد ابْن العَلْقَمِيّ الوَزِيْر لَمَّا كَانَ عَلَى الأُسْتَاذ دَارِيَة يَقُوْلُ: إِنَّ المَاء الَّذِي يَشرَبُه الإِمَام النَّاصِر كَانَ تَجِيْء بِهِ الدَّوَابّ مِنْ فَوْقَ بَغْدَاد بِسَبْعَة فَرَاسخ وَيغلَى سَبْع غلوَات ثُمَّ يحبس فِي الأَوعيَة أُسْبُوْعاً ثُمَّ يَشرب مِنْهُ، وَمَا مَاتَ حَتَّى سقِي المُرقد ثَلاَث مرَار وَشق ذَكَرَهُ، وَأُخْرِج مِنْهُ الحصَى.

وَقَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (٣) : بَقِيَ النَّاصِر ثَلاَث سِنِيْنَ عَاطلاً عَنِ الحركَة


= للصفدي: ٦ / ٣١٥، وفي المطبوع من مفرج الكروب، لكنها في " مفرج الكروب " مضطربة بسبب المحققين.
(١) مرآة الزمان: ٨ / ٦٣٥.
(٢) هو كتاب " حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه "، وقد اختصر الذهبي هذا القسم من تاريخه، ووصل الينا هذا المختصر بخطه.
(٣) الكامل: ١٢ / ٤٤٠ (بيروت) .