للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَحْوَلُ الأَثْعَلُ المَذْمُوْمُ طَائِرُهُ ... أَبُو حُذَيْفَةَ شَرُّ النَّاسِ فِي الدِّيْنِ

أَمَا شَكَرْتَ أَباً رَبَّاكَ مِنْ صِغَرٍ ... حَتَّى شَبَبْتَ شَبَاباً غَيْرَ مَحْجُوْنِ (١)

قَالَ: وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ طَوِيْلاً، حَسَنَ الوَجْهِ، مُرَادفَ الأَسْنَانِ، وَهُوَ الأَثْعَلُ.

اسْتُشْهِدَ أَبُو حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَوْمَ اليَمَامَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، هُوَ وَمَوْلاَهُ سَالِمٌ.

وَتَأَخَّرَ إِسْلاَمُ أَخِيْهِ أَبِي هَاشِمٍ بنِ عُتْبَةَ، فَأَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، وَجَاهَدَ، وَسَكَنَ الشَّامَ، وَكَانَ صَالِحاً، دَيِّناً.

لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي (التِّرْمِذِيِّ) ، وَ (النَّسَائِيِّ) ، وَ (ابْنِ مَاجَه) .

مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ، وَهُوَ أَخُو الشَّهِيْدِ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ لأُمِّهِ، وَخَالُ الخَلِيْفَةِ مُعَاوِيَةَ.

رَوَى مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بنُ سَهْمٍ، قَالَ:

قَدِمْتُ عَلَى أَبِي هَاشِمٍ بنِ عُتْبَةَ وَهُوَ طَعِيْنٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ يَعُوْدُهُ، فَبَكَى.

فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا خَالُ؟ أَوَجَعٌ أَوْ حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟

قَالَ: كُلاًّ لاَ، وَلَكِنْ عَهِدَ إِلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهْداً لَمْ آخُذْ بِهِ.

قَالَ لِي: (يَا أَبَا هَاشِمٍ! لَعَلَّكَ أَنْ تُدْرِكَ أَمْوَالاً تُقْسَمُ بَيْنَ أَقْوَامٍ، وَإِنَّمَا يَكْفِيْكَ مِنْ جَمْعِ الدُّنْيَا خَادِمٌ وَمَرْكِبٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ) .

وَقَدْ وَجدْتُ، وَجَمَعْتُ (٢) .


(١) أخرجه ابن سعد ٣ / ١ / ٥٩ يقال: حجن العود يحجنه حجنا: عطفه. والمحجن: العصا المعوجة.
(٢) سمرة بن سهم مجهول. وباقي رجاله ثقات. وهو في " المسند " ٥ / ٢٩٠، وسنن النسائي ٨ / ٢١٢ في الزينة: باب اتخاذ الخادم والمركب، وابن ماجه (٤١٠٣) في الزهد: باب الزهد في الدنيا. وأخرجه الترمذي (٢٣٢٨) في الزهد: باب ما يكفي في الدنيا من المال، بإسقاط سمرة بن سهم.