للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهَا عُذْرِي عَلَى النَّاسِ نَزَلَ، فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِالفَاحِشَةِ فِي عَائِشَةَ، فُجُلِدُوا الحَدَّ (١) .

قَالَ: وَكَانَ رَمَاهَا: ابْنُ أُبَيٍّ، وَمِسْطَحٌ، وَحَسَّانٌ، وَحَمْنَةُ.

الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:

دَخَلَ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ يُشَبِّبُ (٢) بِأَبْيَاتٍ لَهُ فِيْهَا، فَقَالَ:

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ (٣)

قَالَتْ: لَسْتُ كَذَاكَ.

فَقُلْتُ: تَدَعِيْنَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ - تَعَالَى -: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيْمٌ} [النُّوْرُ: ١١] .

قَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى.

ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ يَرُدُّ عَنِ (٤) النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٥) .


(١) إسناده صحيح، فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، وأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " برقم (٩٧٤٩) ، وأبو داود (٤٤٧٤) وابن ماجه (٢٥٦٧) كلاهما في الحدود: باب حد القذف.
والترمذي (٣١٨١) في التفسير وحسنه.
(٢) التشبيب: التغزل، يقال: شبب الشاعر بفلانة: إذ اعرض بحبها وذكر حسنها، والمراد ترقيق الشعر بذكر النساء، وقد يطلق على إنشاء الشعر وإنشاده، وإن لم يكن فيه غزل، كما وقع في حديث أم معبد: فلما سمع حسان شعر الهاتف شبب يجاوبه، أي: ابتدأ في جوابه.
(٣) تزن: أي: ترمى، وقوله: غرثى، أي خميصة البطن، يريد أنها لا تغتاب أحدا.
وهي استعارة فيها تلميح بقوله تعالى في المغتاب: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا) .
والغوافل: جمع غافلة، وهي العفيفة الغافلة عن الشر.
(٤) تحرفت في مطبوعة دمشق إلى " على ".
(٥) أخرجه البخاري ٧ / ٣٣٨ في المغازي: باب حديث الافك و٨ / ٣٧٣، ٣٧٤، في التفسير، ومسلم (٢٤٨٨) في فضائل الصحابة: باب فضائل حسان بن ثابت.
وكون حسان على ظاهر هذه الرواية هو الذي تولى كبره مشكل، فقد تقدم أنه عبد الله بن أبي ابن أبي سلول، وهو المعتمد، قال الحافظ: وقد وقع في رواية أبي حذيفة، عن سفيان الثوري عند أبي نعيم في " المستخرج ": وهو ممن تولى كبره، فهذه الرواية أخف إشكالا.