للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ وَالِدُهُ حِسْلٌ قَدْ أَصَابَ دَماً فِي قَوْمِهِ، فَهَرَبَ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَحَالَفَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَسَمَّاهُ قَوْمُهُ اليَمَانَ؛ لِحِلْفِهِ لِلْيَمَانِيَّةِ، وَهُمُ الأَنْصَارُ (١) .

شَهِدَ هُوَ وَابْنُهُ حُذَيْفَةُ أُحُداً، فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ، قَتَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ غَلَطاً، وَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ لأَنَّ الجَيْشَ يَخْتَفُوْنَ فِي لأْمَةِ الحَرْبِ، وَيَسْتُرُوْنَ وُجُوْهَهُمْ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلاَمَةٌ بَيِّنَةٌ، وَإِلاَّ رُبَّمَا قَتَلَ الأَخُ أَخَاهُ، وَلاَ يَشْعُرُ.

وَلَمَّا شَدُّوْا عَلَى اليَمَانِ يَوْمَئِذٍ، بَقِيَ حُذَيْفَةُ يَصِيْحُ: أَبِي! أَبِي! يَا قَوْمُ! فَرَاحَ خَطَأً، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ عَلَيْهِم بِدِيَتِهِ (٢) .

قَالَ الوَاقِدِيُّ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ حُذَيْفَةَ وَعَمَّارٍ.

وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ.

إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي (٣) إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ


(١) " المستدرك " " ٣ / ٣٨٠، والاصابة " ٢ / ٢٢٣، و" تاريخ الإسلام " ٢ / ١٥٢ للمؤلف.
(٢) أخرجه البخاري ٧ / ٢٩٧، وابن سعد ٢ / ٤٥، كلاهما من طريق أبي أسامة حماد بن
أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصرخ إبليس لعنة الله عليه: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم، فاجتلدت هي وأخراهم، فبصر حذيفة، فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد الله أبي أبي.
قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم.
قال عروة: فو الله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله عزوجل.
وفي رواية ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ٢ / ٨٧، ٨٨ من طريق عاصم ابن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد: فقال حذيفة: قتلثم أبي! قالوا: والله ما عرفناه وصدقوا، فقال حذيفة: يغفر الله لكم، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا.
(٣) تحرفت في المطبوع إلى (ابن) .