للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرُمِيْتُ فِي أَحْسَنِي وَمَا يَبْدُو مِنِّي، وَلَوْلاَ هَوَايَ فِي يَزِيْدَ، لأَبْصَرْتُ قَصْدِي (١) .

هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ مُهَلْهِلٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، قَالَ:

حَجَّ مُعَاوِيَةُ، فَاطَّلَعَ فِي بِئْرِ عَادِيَّةَ (٢) بِالأَبْوَاءِ، فَضَرَبَتْهُ اللَّقْوَةُ (٣) ، فَدَخَلَ دَارَهُ بِمَكَّةَ، وَأَرْخَى حِجَابَهُ، وَاعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ عَلَى شِقِّهِ الَّذِي لَمْ يُصَبْ.

ثُمَّ أَذِنَ لِلنَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ ابْنَ آدَمَ بِعَرَضِ بَلاَءٍ؛ إِمَّا مُبْتَلَىً لِيُؤْجَرَ؛ أَوْ مُعَاقَبٌ بِذَنْبٍ، وَإِمَّا مُسْتَعْتِبٌ لِيُعْتَبَ، وَمَا أَعْتَذِرُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلاَثٍ، فَإِنِ ابْتُلِيْتُ، فَقَدِ ابْتُلِيَ الصَّالِحُوْنَ قَبْلِي، وَإِنْ عُوْقِبْتُ، فَقَدْ عُوْقِبَ الخَاطِئُوْنَ قَبْلِي، وَمَا آمَنُ أَنْ أَكُوْنَ مِنْهُم، وَإِنْ مَرِضَ عُضْوٌ مِنِّي، فَمَا أُحْصِي صَحِيْحِي، وَلَوْ كَانَ الأَمْرُ إِلَى نَفْسِي، مَا كَانَ لِي عَلَى رَبِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَانِي، فَأَنَا ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ، فَرَحِمَ اللهُ مَنْ دَعَا لِي بِالعَافِيَةِ، فَوَاللهِ لَئِنْ عَتِبَ عَلَيَّ بَعْضُ خَاصَّتِكُم، لَقَدْ كُنْتُ حَدِباً (٤) عَلَى عَامَّتِكُم.

فَعَجَّ النَّاسُ يَدْعُوْنَ لَهُ، وَبَكَى (٥) .

مُغِيْرَةُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:

أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ جَالِساً مُعَاوِيَةُ حِيْنَ سَمِنَ.


(١) " تاريخ الإسلام " ٢ / ٣٢٣، و" البداية " ٨ / ١١٨، و" محاضرات الراغب " ١ / ١٥٥، والفاضل: ١٢٣، وابن عساكر ١٦ / ٣٧٥ ب و" أنساب الاشراف " ٤ / ٢٨، و" عيون الاخبار " ٣ / ٤٦.
(٢) عادية: قديمة، كأنها نسبت إلى عاد وهم قوم هود، وكل قديم ينسبونه إلى عاد وإن لم يدركهم.
والابواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة المنورة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا، وبه قبر آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم.
(٣) قال المؤلف في " تاريخه " ٢ / ٣٤٣: يعني بطل نصفه.
(٤) في الأصل " حربا " وهو خطأ، يقال: حدب فلان على فلان، يحدب حدبا، فهو حدب، وتحدب: تعطف وحنا عليه، يقال: هو كالوالد الحدب.
(٥) ابن عساكر ١٦ / ٣٧٥ ب.