للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَوَى: العُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

لَمَّا سَارَ الحُسَيْنُ إِلَى الكُوْفَةِ، اجْتَمَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، فَضَرَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى جَيْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَتَمَثَّلَ:

يَا لَكِ مِنْ قُنْبَرَةٍ بِمَعْمَرِ ... خَلاَ لَكِ الجَوُّ فَبِيْضِي وَاصْفِرِي

وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي ...

خَلاَ لَكَ -وَاللهِ - يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ الحِجَازُ، وَذَهَبَ الحُسَيْنُ.

فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَاللهِ مَا تَرَوْنَ إِلاَّ أَنَّكُم أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ.

فَقَالَ: إِنَّمَا يَرَى مَنْ كَانَ فِي شَكٍّ، وَنَحْنُ فَعَلَى يَقِينٍ، لَكنْ أَخْبِرْنِي عنْ نَفْسِكَ: لِمَ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ سَائِرِ العَرَبِ؟

فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لِشَرَفِي عَلَيْهِم.

قَالَ: أَيُّمَا أَشْرَفُ، أَنْتَ أَمْ مَنْ شُرِّفْتَ بِهِ؟

قَالَ: الَّذِي شَرُفْتُ بِهِ زَادَنِي شَرَفاً.

قَالَ: وَعَلَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى اعتَرَضَ بَيْنَهُمَا رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَكَّتُوهُمَا (١) .

وَعَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي العِلْمِ بَحْراً يَنشَقُّ لَهُ الأَمْرُ مِنَ الأُمُوْرِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُ الحِكْمَةَ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيْلَ) .

فَلَمَّا عَمِيَ، أَتَاهُ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَمَعَهُم عِلْمٌ مِنْ عِلْمِهِ -أَوْ قَالَ: كُتُبٌ مِنْ كُتُبِهِ - فَجَعَلُوا يَسْتَقْرِؤُونَهُ، وَجَعَلَ يُقدِّمُ وَيُؤَخِّرُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، قَالَ: إِنِّيْ قَدْ


= قريش ": ٢٧، و" المستدرك " ٣ / ٥٤٥، و" الإصابة " ٢ / ٣٣٠.
وقوله " بليجا " أي: طلق الوجه بالمعروف، قالت الخنساء: كأن لم يقل أهلا لطالب حاجة * وكان بليج الوجه منشرح الصدر والكهام، يقال: سيف كهام: كليل لا يقطع، ومن المجاز، رجل كهام: لا غناء عنده ولسان كهام: عيي، وفرس كهام: بطئ عن الغاية، والخبل: الفساد.
وقد تحرفت في المطبوع من " الاستيعاب " " بليجا " إلى " فليجا " و" خبلا " إلى " جبلا ".
(١) انظر ص ٢٩٧ ت ٥.