للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني أول ما سمعت الجن القرآن، ثم إن داعي الجن أتى النبي صلى الله عليه وسلم كما في خبر ابن مسعود، وابن مسعود قد حفظ القصتين، فقال سفيان الثوري عن عاصم عن زر، عن عبد الله قال: هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه أنصتوا، قالوا: صه، وكانوا سبعة أحدهم زوبعة، فأنزل الله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: ٢٩] .

وقال مسعر، عن معن، قال: حدثنا أبي، قال: سألت مسروقا: من آذن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة استمعوا القرآن؟ فقال: حدثني أبوك، يعني ابن مسعود: أنه آذنته بهم شجرة. متفق عليه.

وقال داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، قال: قلت لابن مسعود: هل صحب

رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد؟ فقال: ما صحبه منا أحد، ولكنا فقدناه ذات ليلة بمكة، فقلنا اغتيل، استطير، ما فعل؟ فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما كان في وجه الصبح -أو قال: في السحر- إذا نحن به يجيء من قبل حراء، فقلنا: يا رسول الله، فذكروا الذي كانوا فيه، فقال: "إنه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم". فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. رواه مسلم.

وقد جاء ما يخالف هذا، فقال عبد الله بن صالح: حدثني الليث، قال: حدثني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو عثمان بن سنة الخزاعي من أهل الشام، أنه سمع ابن مسعود يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه، وهو بمكة: "من أحب منكم أن يحضر الليل أمر الجن فليفعل". فلم يحضر منهم أحد غيري حتى إذا كنا بأعلى مكة خط لي برجله خطا، ثم أمرني أن أجلس فيه، ثم انطلق حتى قام، فافتتح القرآن