فغشيته أسودة كثيرة، حالت بيني وبينه، حتى سمعت ما أسمع صوته، ثم انطلقوا وطفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب، ذاهبين، حتى ما بقي منهم رهط، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الفجر، فانطلق فتبرز، ثم أتاني فقال:"ما فعل الرهط؟ " فقلت: هم أولئك يا رسول الله، فأخذ عظما وروثا فأعطاهم إياه زادا، ثم نهى أن يستطيب أحد بعظم أو بروث. أخرجه النسائي من حديث يونس.
وقال سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، أن ابن مسعود أبصر زطًّا في بعض الطريق فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء الزط، قال: ما رأيت شبههم إلا الجن ليلة الجن، وكانوا مستثفرين يتبع بعضهم بعضًا. صحيح.
يقال: استثفر الرجل بثوبه، إذا أخذ ذيله من بين فخذيه إلى حجزته فغرزه. وكذا يقال في الكلب، إذا جعل ذنبه بين فخذيه، ومنه قوله للحائض: استثفري.
وقال عثمان بن عمرو بن فارس، عن مستمر بن الريان، عن أبي الجوزاء، عن ابن مسعود، قال: انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، حتى أتى الحجون فخط عليَّ خطًّا، ثم تقدم إليهم، فازدحموا عليه، فقال سيد لهم يقال له وردان: إني أنا أرحلهم عنك، فقال: إني لن يجيرني من الله أحد.
وقال زهير بن محمد التميمي، عن ابن المنكدر، عن جابر، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة
"الرحمن"، ثم قال: "ما لي أراكم سكوتًا؟ لَلْجن كانوا أحسن ردًّا منكم، ما قرأت عليهم هذه الآية من مرة {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: ١٣] ، إلا قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا