للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَسَالَتِ العَزَازَ، وَأَدْحَضَتِ التِّلاَعَ (١) ، فَصَدَعَتْ عَنِ الكَمْأَةِ أَمَاكِنَهَا، وَأَصَابَتْنِي أَيْضاً سَحَابَةٌ فَقَاءتِ العُيُوْنُ بَعْدَ الرِّيِّ، وَامْتَلأَتِ الإِخَاذُ (٢) ، وَأُفْعِمَتِ (٣) الأَوْدِيَةُ، وَجِئْتُكَ فِي مِثْلِ وِجَارِ (٤) الضَّبُعِ.

ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ.

فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟

قَالَ: لاَ، كَثُرَ الإِعْصَارُ، وَاغْبَرَّ البِلاَدُ، وَأُكِلَ مَا أَشْرَفَ مِنَ الجَنْبَةِ (٥) ، فَاسْتَيْقَنَّا أَنَّهُ عَامُ سَنَةٍ.

فَقَالَ: بِئْسَ المُخْبِرُ أَنْتَ.

ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ.

فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟

قَالَ: تَقَنَّعَتِ (٦) الرُّوَّادُ تَدْعُو إِلَى زِيَادَتِهَا (٧) ، وَسَمِعْتُ قَائِلاً يَقُوْلُ: هَلُمَّ أُظْعِنُكُمْ إِلَى مَحَلَّةٍ تُطْفَأُ فِيْهَا النِّيْرَانُ، وَتَشَكَّى فِيْهَا النِّسَاءُ، وَتَنَافَسُ فِيْهَا


وسواء وقريتان وعين التمر * خرق يكل فيه البعير
والقريتان: قرية كبيرة من أعمال حمص، بينها وبين تدمر مرحلتان.
(١) الدماث: السهول، ولبدت الدماث: أي صيرتها لا تسوخ فيها الارجل.
والعزاز:
الأرض الصلبة أو المكان الصلب السريع السيل.
وأدحضت التلاع: صيرتها مزلقة.
(٢) قاءت الأرض الكمأة: أخرجتها وأظهرتها.
وفي حديث عائشة تصف عمر: وبعج الأرض فقاءت أكلها: أي أظهرت نباتها وخزائنها.
والاخاذ: هو مجتمع الماء، شبيه بالغدير.
(٣) في الأصل: " أنعمت " مصحفة، وما أثبتناه من " المعرفة والتاريخ " و" الحلية " و" ابن عساكر ".
(٤) الوجار: سرب الضبع إذا حفر فأمعن.
قال ابن الأثير: قال الخطابي: هو خطأ، وإنما هو " في مثل جار الضبع " يقال: غيث جار الضبع، أي يدخل عليها في وجارها حتى يخرجها منه، قال: ويشهد لذلك أنه جاء في رواية أخرى: " وجئتك في ماء يجر الضبع ويستخرجها من وجارها انظر اللسان (وجر) .
(٥) في الأصل (الجببة) ، وما أثبتناه من الحلية وابن عساكر واللسان، والجنبة: وهي رطب الصليان من النبات، وقيل: الجنبة هو ما فوق البقل ودون الشجر، والصليان: نبت له سنمة عظيمة كأنها رأس القصبة، والعرب تسميه خبزة الابل.
(٦) في الحديث: " تقنع يديك في الدعاء " أي ترفعهما.
(٧) كذا الأصل، و" الحلية " بالزاي المعجمة، ورواية " المعرفة والتاريخ " وابن عساكر =