للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المِعْزَى.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَلَمْ يَدْرِ الحَجَّاجُ مَا قَالَ.

فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنَّمَا تُحَدِّثُ أَهْلَ الشَّامِ، فَأَفْهِمْهُمْ.

فَقَالَ: نَعَمْ، أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، أَخْصَبَ النَّاسُ، فَكَانَ التَّمْرُ، وَالسَّمْنُ، وَالزُّبْدُ، وَاللَّبَنُ، فَلاَ تُوْقَدُ نَارٌ لِيُخْتَبَزَ بِهَا، وَأَمَّا تَشَكِّي النِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ تَظَلُّ بِرِبْقِ (١) بَهْمِهَا تَمْخَضُ لَبَنَهَا، فَتَبِيْتُ وَلَهَا أَنِيْنٌ مِنْ عَضُدَيْهَا، كَأَنَّهَا لَيْسَتَا مَعَهَا، وَأَمَّا تَنَافُسُ المِعْزَى، فَإِنَّهَا تَرْعَى مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ، وَأَلْوَانِ الثَّمَرِ، وَنَوْرِ النَّبَاتِ مَا تُشْبِعُ بُطُوْنَهَا، وَلاَ تُشْبِعُ عُيُوْنَهَا، فَتَبِيْتُ وَقَدِ امْتَلأَتْ أَكْرَاشُهَا، لَهَا مِنَ الكَظَّةِ جِرَّةٌ (٢) ، فَتَبْقَى الجِرَّةُ حَتَّى تَسْتَنْزِلَ بِهَا الدَّرَّةَ.

ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ.

فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المَوَالِي، كَانَ يُقَالُ أَنَّهُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ (٣) ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي لاَ أُحْسِنُ أَقُوْلُ كَمَا قَالَ هَؤُلاَءِ.

قَالَ: قُلْ كَمَا تُحْسِنُ.

قَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحُلْوَانَ (٤) ، فَلَمْ أَزَلْ أَطَأُ فِي إِثْرِهَا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى الأَمِيْرِ.

فَقَالَ الحَجَّاجُ: لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرَهُمْ فِي المَطَرِ خُطْبَةً، إِنَّكَ أَطْوَلُهُمْ بِالسَّيْفِ خَطْوَةً (٥) .

وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ مُوْسَى العُكْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ


= واللسان: " سمعت الرواد تدعو إلى ريادتها " بالراء المهملة، ولعله هو الصواب.
(١) الربق والربقة: الحبل والحلقة تشد بها الغنم الصغار لئلا ترضع.
(لسان) ولفظ ابن عساكر: " تربق بهمها وتمخض لبنها ".
(٢) الكظة: البطنة، والجرة: ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه (لسان) .
(٣) زاد ابن عساكر: " قال: من أين؟ قال من خراسان.
فقال: هل كان..الخ ".
(٤) حلوان: مدينة عامرة في آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان.
انظر معجم البلدان.
(٥) الخبر في الحلية ٤ / ٣٢٥ وما بعدها، وانظر المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٩٨ وما بعدها، وابن عساكر (عاصم عايذ) ٢١٥ وما بعدها.