للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعْمَرٌ: عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:

كُنْتُ آتِي عُرْوَةَ، فَأَجِلِسُ بِبَابِهِ مَلِيّاً، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَدْخُلَ دَخَلْتُ، فَأَرْجِعُ وَمَا أَدْخُلُ إِعْظَاماً لَهُ (١) .

وَعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:

خَطَبْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِنْتَهُ سَوْدَةَ، وَنَحْنُ فِي الطَّوَافِ، فَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ، فَلَمَّا دَخَلْتُ المَدِيْنَةَ بَعْدَهُ، مَضَيْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَكُنْتَ ذَكَرْتَ سَوْدَةَ؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَهَا وَنَحْنُ فِي الطَّوَافِ يَتَخَايَلُ اللهُ بَيْنَ أَعْيُنِنَا، أَفَلَكَ فِيْهَا حَاجَةٌ؟

قُلْتُ: أَحْرَصُ مَا كُنْتُ.

قَالَ: يَا غُلاَمُ، ادْعُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَنَافِعاً مَوْلَى عَبْدِ اللهِ.

قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَبَعْضَ آلِ الزُّبَيْرِ؟

قَالَ: لاَ.

قُلْتُ: فَمَوْلَى خُبَيْبٍ؟

قَالَ: ذَاكَ أَبْعَدُ.

ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: هَذَا عُرْوَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ عَلِمْتُمَا حَالَهُ، وَقَدْ خَطَبَ إِلَيَّ سَوْدَةَ، وَقَدْ زَوَّجْتُهُ إِيَّاهَا بِمَا جَعَلَ اللهُ لِلْمُسْلِمَاتِ عَلَى المُسْلِمِيْنَ مِنْ إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوْفٍ، أَوْ تَسْرِيْحٍ بِإِحْسَانٍ، وَعَلَى أَنْ يَسْتَحِلَّهَا بِمَا يَسْتَحِلُّ بِهِ مِثْلَهَا، أَقَبِلْتَ يَا عُرْوَةُ؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ (٢) .

قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: أَقَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ تِسْعَ سِنِيْنَ، وَعُرْوَةُ مَعَهُ (٣) .

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، خَرَجَ عُرْوَةُ إِلَى المَدِيْنَةِ بِالأَمْوَالِ، فَاسْتَدْعُوْهَا، وَسَارَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ البَرِيْدِ بِالخَبَرِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى البَابِ، قَالَ لِلْبَوَّابٍ: قُلْ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بِالبَابِ.

فَقَالَ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ؟

قَالَ: قُلْ لَهُ كَذَا.

فَدَخَلَ، فَقَالَ: هَا هُنَا رَجُلٌ عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، قَالَ كَيْتَ وَكَيْتَ.

فَقَالَ: ذَاكَ عُرْوَةُ، فَائْذَنْ لَهُ.

فَلَمَّا رَآهُ، زَالَ لَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ كَيْفَ أَبُو بَكْرٍ؟ -يَعْنِي: عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ-.

فَقَالَ: قُتِلَ -رَحِمَهُ اللهُ-.

فَنَزَلَ عَبْدُ المَلِكِ عَنِ السَّرِيْرِ، فَسَجَدَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ: إِنَّ عُرْوَةَ قَدْ خَرَجَ،


(١) ابن عساكر ١١ / ٢٨٨ ب.
(٢) ابن عساكر ١١ / ٢٨٩ ب، ٢٩٠ آ.
(٣) ابن عساكر ١١ / ٢٩٠ ب.