للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدِمَ المَدِيْنَةَ، أَتَاهُ ابْنُ المُنْكَدِرِ، فَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ؟

قَالَ: {لَقَدْ لَقِيْنَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً (١) } [الكَهْفُ: ٦٣] .

قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ:

أَنَّ عِيْسَى بنَ طَلْحَةَ جَاءَ إِلَى عُرْوَةَ حِيْنَ قَدِمَ، فَقَالَ عُرْوَةُ لِبَعْضِ بَنِيْهِ: اكْشِفْ لِعَمِّكَ رِجْلِي.

فَفَعَلَ، فَقَالَ عِيْسَى: إِنَّا - وَاللهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ - مَا أَعْدَدْنَاكَ لِلصِّرَاعِ، وَلاَ لِلسِّبَاقِ، وَلَقَدْ أَبْقَى اللهُ مِنْكَ لَنَا مَا كُنَّا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ؛ رَأْيَكَ وَعِلْمَكَ.

فَقَالَ: مَا عَزَّانِي أَحَدٌ مِثْلَكَ (٢) .

قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (٣) : كَانَ أَحْسَنَ مَنْ عَزَّاهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ، فَقَالَ:

وَاللهِ مَا بِكَ حَاجَةٌ إِلَى المَشْيِ، وَلاَ أَرَبٌ فِي السَّعْيِ، وَقَدْ تَقَدَّمَكَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِكَ، وَابْنٌ مِنْ أَبْنَائِكَ إِلَى الجَنَّةِ، وَالكُلُّ تَبَعٌ لِلبَعْضِ - إِنْ شَاءَ اللهُ - وَقَدْ أَبْقَى اللهُ لَنَا مِنْكَ مَا كُنَّا إِلَيْهِ فُقَرَاءَ مِنْ عِلْمِكَ وَرَأْيِكَ، وَاللهُ وَلِيُّ ثَوَابِكَ، وَالضَّمِيْنُ بِحِسَابِكَ.

قَالَ الزُّبَيْرُ: تُوُفِّيَ عُرْوَةُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً (٤) .

قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَشَبَابٌ: مَاتَ عُرْوَةُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.

وَقَالَ الهَيْثَمُ، وَالوَاقِدِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالفَلاَّسُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.

وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ.

وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

وَيُقَالُ: سَنَةَ إِحْدَى وَمائَةٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ.

ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ) مِنْ شُيُوْخِ عُرْوَةَ: أُمُّهُ أَسْمَاءُ،


(١) أورده ابن عساكر مطولا ١١ / ٢٩٠ ب.
(٢) ابن عساكر ١١ / ٢٨٨ آ.
(٣) في وفيات الأعيان ٣ / ٢٥٦.
(٤) ابن عساكر ١١/ ٢٩٤ آ.