للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُنَّا نَطُوفُ مَعَ الزُّهْرِيِّ عَلَى العُلَمَاءِ وَمَعَهُ الأَلوَاحُ وَالصُّحُفُ، يَكْتُبُ كُلَّمَا سَمِعَ.

إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَكَمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ:

ضَاقَتْ حَالُ ابْنِ شِهَابٍ، وَرَهَقَهُ دَيْنٌ، فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَجَالَسَ قَبِيْصَةَ بنَ ذُؤَيْبٍ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَبَيْنَا نَحْنُ مَعَهُ نَسْمُرُ، إِذْ جَاءَ رَسُوْلُ عَبْدِ المَلِكِ، فَذَهَبَ إِلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا، فَقَالَ:

مَنْ مِنْكُم يَحْفَظُ قَضَاءَ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ؟

قُلْتُ: أَنَا.

قَالَ: قُمْ.

فَأَدخَلَنِي عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى نِمْرِقَةٍ، بِيَدِهِ مِخْصَرَةٌ، وَعَلَيْهِ غُلاَلَةٌ، مُلتَحِفٌ بِسبيْبَةٍ (١) ، بَيْنَ يَدَيْهِ شَمْعَةٌ، فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟

فَانتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ أَبُوْكَ لَنعَّاراً فِي الفِتَنِ (٢) .

قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ.

فَال: اجْلِسْ.

فَجَلَستُ، قَالَ: تَقْرَأُ القُرْآنَ؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَمَا تَقُوْلُ فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا؟

قُلْتُ: لِزَوْجِهَا النِّصْفُ، وَلأُمِّهَا السُّدُسُ، وَلأَبِيْهَا مَا بَقِيَ.

قَالَ: أَصَبتَ الفَرْضَ، وَأَخطَأْتَ اللَّفْظَ، إِنَّمَا لأُمِّهَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَلأَبِيْهَا مَا بَقِيَ، هَاتِ حَدِيْثَكَ.

قُلْتُ: حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ ... ، فَذَكَرَ قَضَاءَ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ.

فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: هَكَذَا حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ.

قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، اقْضِ دَيْنِي.

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَتَفرِضُ لِي.

قَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ نَجمَعُهُمَا لأَحَدٍ.

قَالَ: فَتجهَّزتُ إِلَى المَدِيْنَةِ.

وَرَوَى نَحْواً مِنْهَا: سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، عَنْ عَطَّافِ بنِ خَالِدٍ، كَمَا مَضَى.

أَحْمَدُ بنُ شَبِيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ يُوْنُسَ:

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَدِمتُ دِمَشْقَ زَمَانَ تَحَرُّكِ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَعَبْدُ المَلِكِ يَوْمَئِذٍ مَشغُولٌ بِشَأْنِه.

وَرَوَى سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عِمْرَانَ، عَنِ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى، عَنِ


(١) هي الثوب الرقيق.
(٢) في " اللسان ": ورجل نعار في الفتن: خراج فيها سعاء.