ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:
قَدِمتُ الشَّامَ أُرِيْدُ الغَزْوَ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ المَلِكِ، فَوَجَدتُه فِي قُبَّةٍ عَلَى فُرُشٍ، يَفُوْتُ القَائِمُ، وَالنَّاسُ تَحْتَه سِمَاطَانِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُوْلُ:
نَشَأتُ وَأَنَا غُلاَمٌ، لاَ مَالَ لِي، وَلاَ أَنَا فِي دِيْوَانٍ، وَكُنْتُ أَتَعَلَّمُ نَسَبَ قَوْمِي مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ صُعَيْرٍ، وَكَانَ عَالِماً بِذَلِكَ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ قَوْمِي وَحَلِيْفُهُم.
فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الطَّلاَقِ، فَعَيَّ بِهَا، وَأَشَار لَهُ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَلاَ أُرَانِي مَعَ هَذَا الرَّجُلِ المُسِنِّ يَذْكُرُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ رَأْسَه، وَلاَ يَدْرِي مَا هَذَا؟!
فَانطَلَقتُ مَعَ السَّائِلِ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَتَرَكتُ ابْنَ ثَعْلَبَةَ، وَجَالَستُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدَ اللهِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى فَقِهتُ، فَرَحَلتُ إِلَى الشَّامِ، فَدَخَلتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فِي السَّحَرِ، وَأَمَّمتُ حَلْقَةً وِجَاهَ المَقصُوْرَةِ عَظِيْمَةً، فَجَلَستُ فِيْهَا، فَنَسَبَنِي القَوْمُ، فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ.
قَالُوا: هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِالحُكْمِ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ؟
فَأَخْبَرتُهُم بِقَوْلِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ.
فَقَالُوا: هَذَا مَجْلِسُ قَبِيْصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ وَهُوَ حَامِيكَ، وَقَدْ سَأَلَهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَدْ سَأَلَنَا فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ عِلْماً.
فَجَاءَ قَبِيْصَةُ، فَأَخَبَرُوْهُ الخَبَرَ، فَنَسَبَنِي، فَانْتَسبْتُ، وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ وَنُظَرَائِهِ، فَأَخْبَرتُه.
قَالَ: فَقَالَ: أَنَا أُدخِلُكَ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَصَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَتَبِعْتُه، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَجَلَستُ عَلَى البَابِ سَاعَةً، حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ خَرَجَ الآذِنُ، فَقَالَ: أَيْنَ هَذَا المَدِيْنِيُّ القُرَشِيُّ؟
قُلْتُ: هَا أَنَا ذَا.
فَدَخَلتُ مَعَهُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَجِدُ بَيْنَ يَدَيْهِ المُصْحَفَ قَدْ أَطبَقَهُ، وَأَمَرَ بِهِ فَرُفِعَ، وَلَيْسَ عِنْدَه غَيْرُ قَبِيْصَةَ جَالِساً، فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ ... ، وَسَاقَ آبَاءهُ إِلَى زُهْرَةَ.
فَقَالَ: أَوَّه، قَوْمٌ نَعَّارُوْنَ فِي الفِتَنِ!
قَالَ: وَكَانَ مُسْلِمُ بنُ عُبَيدِ اللهِ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
ثُمَّ قَالَ: مَا عِنْدَكَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ؟
فَأَخْبَرتُه عَنْ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: كَيْفَ سَعِيْدٌ، وَكَيْفَ حَالُهُ؟
فَأَخْبَرتُه، ثُمَّ قُلْتُ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ ... ، فَسَأَلَ