عَنْهُ، ثُمَّ حَدَّثْتُه الحَدِيْثَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ عَنْ عُمَرَ.
فَالْتَفَتَ إِلَى قَبِيْصَةَ، فَقَالَ: هَذَا يُكْتَبُ بِهِ إِلَى الآفَاقِ.
فَقُلْتُ: لاَ أَجِدُه أَخْلَى مِنْهُ السَّاعَةَ، وَلَعَلِّي لاَ أَدخُلُ بَعْدَهَا.
فَقُلْتُ: إِنْ رَأَى أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يَصِلَ رَحِمِي، وَأَنْ يَفرِضَ لِي، فَعَلَ.
قَالَ: إِيهاً الآنَ، انْهَضْ لِشَأْنِكَ.
فَخَرَجتُ -وَاللهِ- مُؤَيِّساً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَرَجتُ لَهُ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُقِلٌّ مُرمِلٌ، ثُمَّ خَرَجَ قَبِيْصَةُ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ لاَئماً لِي، وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعتَ مِنْ غَيْرِ أَمرِي؟
قُلْتُ: ظَنَنْتُ -وَاللهِ- أَنِّي لاَ أَعُودُ إِلَيْهِ.
قَالَ: ائْتِنِي فِي المَنْزِلِ.
فَمَشَيْتُ خَلْفَ دَابَّتِه، وَالنَّاسُ يُكَلِّمُونَه، حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَه، فَقَلَّمَا لَبِثَ حَتَّى خَرَجَ إِلَيَّ خَادِمٌ بِمائَةِ دِيْنَارٍ، وَأَمَرَ لِي بِبَغْلَةٍ وَغُلاَمٍ وَعَشْرَةِ أَثْوَابٍ، ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَيْهِ مِنَ الغدِ عَلَى البَغْلَةِ، ثُمَّ أَدخَلَنِي عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَالَ: إِيَّاكَ أَنْ تُكَلِّمَه بِشَيْءٍ، وَأَنَا أَكفِيْكَ أَمَرَهُ.
قَالَ: فَسَلَّمتُ، فَأَومَأَ إِلَيَّ أَنِ اجْلِسْ.
ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُنِي عَنْ أَنسَابِ قُرَيْشٍ، فَلهُوَ كَانَ أَعْلَمَ بِهَا مِنِّي، وَجَعَلتُ أَتَمَنَّى أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ؛ لِتَقَدُّمِه عَلَيَّ فِي النَّسَبِ.
ثُمَّ قَالَ لِي: قَدْ فَرَضْتُ لَكَ فَرَائِضَ أَهْلِ بَيْتِكَ.
ثُمَّ أَمَرَ قَبِيْصَةَ أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ فِي الدِّيوَانِ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ يَكُوْنَ دِيْوَانُكَ مَعَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ هَا هُنَا، أَمْ فِي بَلَدِكَ؟
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَنَا مَعَكَ.
ثُمَّ خَرَجَ قَبِيْصَةُ، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أَمَرَ أَنْ تُثبتَ فِي صَحَابَتِه، وَأَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ رِزقُ الصَّحَابَةِ، وَأَنْ يَرْفَعَ فَرِيْضَتَكَ إِلَى أَرْفَعَ مِنْهَا، فَالزَمْ بَابَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَكَانَ عَلَى عَرضِ الصَّحَابَةِ رَجُلٌ.
فَتَخَلَّفتُ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ، فَجَبَهَنِي جَبْهاً شَدِيْداً، فَلَمْ أَتَخَلَّفْ بَعْدَهَا.
قَالَ: وَجَعَلَ يَسْأَلُنِي عَبْدُ المَلِكِ: مَنْ لَقِيْتَ؟
فَأَذْكُرُ مَنْ لَقِيْتُ مِنْ قُرَيْشٍ.
قَالَ: أَيْنَ أَنْتَ عَنِ الأَنْصَارِ، فَإِنَّك وَاجِدٌ عِنْدَهم عِلْماً، أَيْنَ أَنْتَ عَنِ ابْنِ سَيِّدِهِم خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ ... ، وَسَمَّى رِجَالاً مِنْهُم.
قَالَ: فَقَدِمتُ المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُهم، وَسَمِعْتُ مِنْهُم.
قَالَ: وَتُوُفِيَّ عَبْدُ المَلِكِ، فَلَزِمتُ ابْنَه الوَلِيْدَ، ثُمَّ سُلَيْمَانَ، ثُمَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، ثُمَّ يَزِيْدَ.
فَاسْتَقْضَى يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ عَلَى قَضَائِهِ الزُّهْرِيَّ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَبِيْبٍ المُحَارِبِيَّ جَمِيْعاً.
قَالَ: ثُمَّ لَزِمتُ هِشَامَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ، وَصَيَّرَ هِشَامٌ الزُّهْرِيَّ مَعَ أَوْلاَدِه، يُعَلِّمُهم وَيَحُجُّ مَعَهُم.