وَكَانَ خَالِدٌ عَلَى هِنَاتِه يَرْجِعُ إِلَى إِسْلاَمٍ.
وَقَالَ القَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ يُتَّهَمُ فِي دِيْنِه، بَنَى لأُمِّهِ كَنِيْسَةً تَتَعَبَّدُ فِيْهَا، وَفِيْهِ يَقُوْلُ الفَرَزْدَقُ:
أَلاَ قَبَّحَ الرَّحْمَنُ ظَهْرَ مَطِيَّةٍ ... أَتَتْنَا تَهَادَى مِنْ دِمَشْقَ بِخَالِدِ
وَكَيْفَ يَؤُمُّ النَّاسَ مَنْ كَانَ أُمُّهُ ... تَدِيْنُ بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِوَاحِدِ
بَنَى بِيْعَةً فِيْهَا الصَّلِيْبُ لأُمِّهِ ... وَيَهْدِمُ مِنْ بُغْضٍ مَنَارَ المَسَاجِدِ
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: حَرَّمَ القَسْرِيُّ الغِنَاءَ، فَأَتَاهُ حُنَيْنٌ فِي أَصْحَابِ المظَالِمِ مُلتَحِفاً عَلَى عُودٍ، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، شَيْخٌ ذُوْ عِيَالٍ كَانَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ، حُلْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
فَأَخرَجَ عُودَه، وَغَنَّى:
أَيُّهَا الشَّامِتُ المُعَيِّرُ بِالشَّيْ ... ـبِ أَقِلَّنَّ بِالشَّبَابِ افْتِخَارَا
قَدْ لَبِسْتُ الشَّبَابَ قَبْلَكَ حِيْناً ... فَوَجَدْتُ الشَّبَابَ ثَوْباً مُعَارَا
فَبَكَى خَالِدٌ، وَقَالَ: صَدَقَ وَاللهِ، عُدْ، وَلاَ تُجَالِسْ شَابّاً وَلاَ مُعَربِداً.
الأَصْمَعِيُّ: عَنِ ابْنِ نُوْحٍ: سَمِعْتُ خَالِداً يَقُوْلُ عَلَى المِنْبَرِ:
إِنِّي لأُطعِمُ كُلَّ يَوْمٍ سِتَّةً وَثَلاَثِيْنَ أَلفاً مِنَ الأَعرَابِ تَمراً وَسَوِيْقاً.
الأَصْمَعِيُّ: أَنَّ أَعْرَابِيّاً قَالَ لِخَالِدٍ القَسْرِيِّ:
أَصْلَحَكَ اللهُ، لَمْ أَصُنْ وَجْهِي عَنْ مَسْأَلَتِكَ، فَصُنْهُ عَنِ الرَّدِّ، وَضَعْنِي مِنْ مَعْرُوْفِكَ حَيْثُ وَضَعتُكَ مِنْ رَجَائِي، فَوَصَلَهُ.
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَأمُرُ الأَمِيْرُ لِي بِمِلْءِ جِرَابِي دَقِيْقاً؟
قَالَ: امْلَؤُوْهُ لَهُ دَرَاهِمَ.
فَقِيْلَ لِلأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ: سَأَلْتُ الأَمِيْرَ مَا أَشْتَهِي، فَأَمَرَ لِي بِمَا يَشْتَهِي.
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ شَمِرٍ الخَوْلاَنِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ مَوْلَى خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
إِنِّي لأَسِيْرُ بَيْنَ