وَيُوْمِئ بِيَدِهِ إِلَى فَوْقُ (١) .
عَنْ أَبِي سُفْيَانَ الحِمْيَرِيِّ، قَالَ: أَرَادَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ الحَجَّ، فَاتَّعَدَ فِتْيَةٌ أَنْ يَفتِكُوا بِهِ فِي طَرِيْقِهِ، وَسَأَلُوا خَالِداً القَسْرِيَّ الدُّخُولَ مَعَهُم، فَأَبَى.
ثُمَّ أَتَى خَالِدٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، دَعِ الحَجَّ.
قَالَ: وَمَنْ تَخَافُ، سَمِّهِم؟
قَالَ: قَدْ نَصَحتُكَ، وَلَنْ أُسَمِّيَهُم.
قَالَ: إِذاً أَبعَثُ بِكَ إِلَى عَدُوِّكَ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ.
قَالَ: وَإِنْ.
فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ، فَعَذَّبَه حَتَّى قَتَلَهُ.
ابْنُ خَلِّكَانَ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ هِشَامٌ عَزلَ خَالِدٍ عَنِ العِرَاقِ، وَعِنْدَهُ رَسُوْلُ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ مِنَ اليَمَنِ، قَالَ: إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ تَعَدَّى طَوْرَه، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ.
ثُمَّ أَمَرَ بِتَخرِيقِ ثِيَابِه، وَضَرَبَهُ أَسْوَاطاً، وَقَالَ: امضِ إِلَى صَاحِبِكَ، فَعَلَ الله بِهِ.
ثُمَّ دَعَا بِسَالِمٍ كَاتِبِه، وَقَالَ: اكْتُبْ إِلَى يُوْسُفَ: سِرْ إِلَى العِرَاقِ وَالِياً سِرّاً، وَاشْفِنِي مِنِ ابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ وَعُمَّالِه.
ثُمَّ أَمْسَكَ الكِتَابَ بِيَدِهِ، وَجَعَلَه فِي طَيِّ كِتَابٍ آخَرَ، وَلَمْ يَشعُرِ الرَّسُوْلُ، فَقَدِمَ اليَمَنَ، فَقَالَ يُوْسُفُ: مَا وَرَاءكَ؟
قَالَ: الشَّرُّ، ضَرَبنِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَخَرَّقَ ثِيَابِي، وَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيْكَ، بَلْ إِلَى صَاحِبِ دِيْوَانِكَ.
فَفَضَّ الكِتَابَ، وَقَرَأَهُ، ثُمَّ وَجَدَ الكِتَابَ الصَّغِيْرَ، فَاسْتَخلَفَ عَلَى اليَمَنِ ابْنَه الصَّلْتَ، وَسَارَ إِلَى العِرَاقِ، وَجَاءتِ العُيُوْنُ إِلَى خَالِدٍ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ نَائِبُه طَارِقٌ: ائْذَنْ لِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَضمَنَ لَهُ مَالِي السَّنَةَ مائَةَ أَلفِ أَلفٍ، وَآتِيَكَ بِعَهْدِكَ.
قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ هَذِهِ الأَمْوَالُ؟
قَالَ: أَتَحَمَّلُ أَنَا وَسَعِيْدُ بنُ رَاشِدٍ أَرْبَعِيْنَ أَلفَ أَلفٍ، وَأَبَانٌ وَالزَّيْنَبِيُّ عِشْرِيْنَ أَلفَ أَلفٍ، وَيُفَرَّقُ البَاقِي عَلَى بَاقِي العُمَّالِ.
فَقَالَ: إِنِّي إِذاً
(١) وقد أورد ابن كثير في " البداية: ١٠ / ٢٠، ٢١، نحوا من هذا، ثم قال: والذي يظهر أن هذا لا يصح عنه فإنه كان قائما في إطفاء الضلال والبدع كما قدمنا من قتله للجعد بن درهم وغيره من أهل الالحاد، وقد نسب إليه صاحب العقد أشياء لا تصح، لان صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع، ومغالاة في أهل البيت، وربما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيع، وقد اغتر به شيخنا الذهبي، فمدحه بالحفظ وغيره.