أُطْلِقَ، فَقَدِمَ الشَّامَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
وَنَقَلَ ابْنُ خَلِّكَانَ: أَنَّ يُوْسُفَ عَصَرَهُ حَتَّى كَسَرَ قَدَمَيْهِ وَسَاقَيْهِ، ثُمَّ عَصَرَهُ عَلَى صُلبِه، فَلَمَّا انْقَصَفَ، مَاتَ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لاَ يَتَأَوَّهُ وَلاَ يَنطِقُ، وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ، فَإِنَّهُ جَاءَ إِلَى الشَّامِ، وَبَقِيَ بِهَا، حَتَّى قَتَلَهُ الوَلِيْدُ الفَاسِقُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: لَبِثَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي العَذَابِ يَوْماً، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى صَدْرِهِ المُضرسَةُ، فَقُتِلَ مِنَ اللَّيْلِ، فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ - فِي قَوْلِ الهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ - فَأَقْبَلَ عَامِرُ بنُ سَهْلَةَ الأَشْعَرِيُّ، فَعَقَرَ فَرَسَه عَلَى قَبْرِهِ، فَضَرَبَهُ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ سَبْعَ مائَةِ سَوْطٍ.
وَقَالَ فِيْهِ أَبُو الأَشْعَثِ العَبْسِيُّ:
أَلاَ إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ حَيّاً وَمَيِّتاً ... أَسِيْرُ ثَقِيْفٍ عِنْدَهُم فِي السَّلاَسِلِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَعْمَرْتُمُ السِّجْنَ خَالِداً ... وَأَوْطَأْتُمُوْهُ وَطْأَةَ المُتَثَاقِلِ
فَإِنْ سَجَنُوا القَسْرِيَّ لاَ يَسْجُنُوا اسْمَهُ ... وَلاَ يَسْجُنُوا مَعْرُوْفَهُ فِي القَبَائِلِ
لَقَدْ كَانَ نَهَّاضاً بِكُلِّ مُلِمَّةٍ ... وَمُعْطِي اللُّهَى غَمْراً كَثِيْرَ النَّوَافِلِ
قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
شَهِدتُ خَالِداً القَسْرِيَّ فِي يَوْم أَضْحَى يَقُوْلُ: ضَحُّوا تَقبَّلَ اللهُ مِنْكُم، فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ، زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً، وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوْسَى تَكلِيماً، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُوْلُ الجَعْدُ عُلُوّاً كَبِيْراً.
ثُمَّ نَزَلَ، فَذَبَحَه (١) .
قُلْتُ: هَذِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، هِيَ، وَقَتْلُهُ مُغِيْرَةَ الكَذَّابَ.
(١) عبد الرحمن بن محمد وأبوه لا يعرفان، وأخرجه البخاري في " أفعال العباد " ص ٦٩.