للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّجُلَ جَمَاعَةٌ يَلُوحُ عَلَى قَوْلِهُمُ الإِنصَافُ.

وَهَذَانِ الرَّجُلاَنِ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ نَالَ مِنْ صَاحِبِه، لَكِنْ أَثَّرَ كَلاَمُ مَالِكٍ فِي مُحَمَّدٍ بَعْضَ اللِّيْنِ، وَلَمْ يُؤثِّرْ كَلاَمُ مُحَمَّدٍ فِيْهِ وَلاَ ذَرَّةٍ، وَارتَفَعَ مَالِكٌ، وَصَارَ كَالنَّجمِ، فَلَهُ ارْتفَاعٌ بِحَسْبِهِ، وَلاَ سِيَّمَا فِي السِّيَرِ، وَأَمَّا فِي أَحَادِيْثِ الأَحكَامِ، فَيَنحَطُّ حَدِيْثُه فِيْهَا عَنْ رُتْبَةِ الصِّحَّةِ إِلَى رُتْبَةِ الحَسَنِ، إِلاَّ فِيْمَا شَذَّ فِيْهِ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُنْكَراً، هَذَا الَّذِي عِنْدِي فِي حَالِهِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.

قَالَ يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَمِيْرُ المُحَدِّثِيْنَ لِحِفْظِهِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: نَظَرْتُ فِي كُتُبِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ فِي حَدِيْثَيْنِ، وَيُمكِنُ أَنْ يَكُوْنَا صَحِيْحَيْنِ.

وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: الَّذِي يُذكَرُ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ مِنْ قَوْلِهِ: كَيْفَ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَتِي؟ لَوْ صَحَّ هَذَا مِنْ هِشَامٍ، لَجَازَ أَنْ تَكتُبَ إِلَيْهِ (١) ، فَإِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ يَرَوْنَ الكِتَابَ جَائِزاً:

لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ لأَمِيْرِ السَّرِيَّةِ كِتَاباً، فَقَالَ لَهُ: (لاَ تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا) .

فَلَمَّا بَلَغَهُ، قَرَأَهُ، وَعَمِلَ بِهِ (٢) . وَكَذَلِكَ


(١) أي: زوجته، والمكتوب إليه ابن إسحاق.
(٢) علقه البخاري في " صحيحه ": ١ / ١٤٢، في العلم: باب ما يذكر في المناولة، وكتاب أهل العلم بالعلم، وأخرجه البيهقي في " سننه ": ٩ / ٥٨، ٥٩، من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق، حدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش إلى نخلة، فقال له: " كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش "، ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام، وكتب له كتابا قبل أن يعلمه أين يسير، فقال: " اخرج أنت وأصحابك، حتى إذا سرت يومين، فافتح كتابك، وانظر فيه، فما أمرتك فيه فامض له، ولا تستكرهن أحدا من أصحابك على الذهاب معك..".
وأخرجه أيضا: ٩ / ١٢، من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن عروة..وسنده صحيح لكنه مرسل.
وأخرجه الطبري في تفسيره: ٢ / ٣٤٩، ٣٥٠، من حديث جندب بن عبد الله عن النبي =