للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخُلَفَاءُ وَالأَئِمَّةُ يُفْضُونَ بِكِتَابِ بَعْضِهِم إِلَى بَعْضٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهَا وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا.

قُلْتُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِهِمَا، كَمَا أَخَذَ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ عَنِ الصَّحَابِيَّاتِ، مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُوْنَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَرَآهَا وَهُوَ صَبِيٌّ، فَحَفِظَ عَنْهَا، مَعَ احْتمَالِ أَنْ يَكُوْنَ أَخَذَ عَنْهَا حِيْنَ كَبِرَتْ وَعَجِزَتْ، وَكَذَا يَنْبَغِي، فَإِنَّهَا أَكْبَرُ مِنْ هِشَامٍ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ.

فَقَدْ سَمِعَتْ مِنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ، وَلَمَّا رَوَتْ لابْنِ إِسْحَاقَ، كَانَ لَهَا قَرِيْبٌ مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ الكُبَرَاءُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى الأَخْذِ عَنْهُ، مِنْهُم: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالحَمَّادَانِ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ.

وَرَوَى عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَقَدِ اخْتَبَرَهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ، فَرَأَوْا صِدْقاً وَخَيْراً، مَعَ مَدْحِ ابْنِ شِهَابٍ لَهُ.

وَقَدْ ذَاكَرتُ دُحَيْماً قَوْلَ مَالِكٍ، فَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْحَدِيْثِ، إِنَّمَا هُوَ لأَنَّهُ اتُّهِمَ بِالقَدَرِ.


= صلى الله عليه وسلم - أنه بعث ررهطا، وبعث عليهم أبا عبيدة، فلما ذهب لينطلق بكى صبابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس، فبعث عليهم عبد الله بن جحش مكانه، وكتب له كتابا، وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا، وقال: " لاتكرهن أحدا من أصحابك على المسير معك "، فلما قرأ الكتاب استرجع، وقال: سمع وطاعة لله ولرسوله، فخبرهم الخبر، وقرأ عليهم الكتاب، فرجع رجلان، ومضى بقيتهم، فلقوا ابن الحضرمي، فقتلوه، ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجل أو جمادى، فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام.
فأنزل الله عزوجل: (يسألونك عن الشهر الحرام..) الآية [٢١٧، البقرة] ، فقال بعضهم: إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر، فأنزل الله عزوجل: (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) [البقرة: ٢١٨] .
ورجاله ثقات، إلا أن فيه رجلا مبهما، ومع ذلك فقد قال الهيثمي في " المجمع: ٦ / ١٩٢، بعد أن عزاه للطبراني: رجاله ثقات، ونقله الحافظ في " الفتح ": ١ / ١٤٢، عن الطبراني، وحسن إسناده، وقال: ثم وجدت له شاهدا من حديث ابن عباس عند الطبري في " التفسير ": ٢ / ٣٥٠.
فبمجموع هذه الطرق يكون صحيحا.