للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَصْحَابِ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ؟

قَالاَ: هِشَامٌ.

قُلْتُ لَهُمَا: وَالأَوْزَاعِيُّ؟

قَالاَ: بَعْدَهُ.

وَزَادَنِي أَبُو زُرْعَةَ: لأَنَّ الأَوْزَاعِيَّ ذَهَبَتْ كُتُبُهُ، وَأَثبَتُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ: هِشَامٌ، وَسَعِيْدٌ.

وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ العَيْشِيِّ (١) ، قَالَ:

كَانَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ إِذَا فَقَدَ السِّرَاجَ مِنْ بَيْتِهِ، يَتَمَلْمَلُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تَأْتِيْهِ بِالسِّرَاجِ.

فَقَالَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّيْ إِذَا فَقَدتُ السِّرَاجَ، ذَكَرْتُ ظُلْمَةَ القَبْرِ.

وَقَالَ شَاذُ بنُ فَيَّاضٍ: بَكَى هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ حَتَّى فَسَدَتْ عَيْنُهُ، فَكَانَتْ مَفْتُوْحَةً، وَهُوَ لاَ يَكَادُ يُبْصِرُ بِهَا.

وَعَنْ هِشَامٍ، قَالَ: عَجِبْتُ لِلْعَالِمِ كَيْفَ يَضْحَكُ؟!

وَكَانَ يَقُوْلُ: لَيْتَنَا نَنْجُو، لاَ عَلَيْنَا وَلاَ لَنَا.

قَالَ عَوْنُ بنُ عُمَارَةَ: سَمِعْتُ هِشَاماً الدَّسْتُوَائِيَّ يَقُوْلُ:

وَاللهِ مَا أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ إِنِّي ذَهَبتُ يَوْماً قَطُّ أَطْلُبُ الحَدِيْثَ، أُرِيْدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

قُلْتُ: وَاللهِ وَلاَ أَنَا، فَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَطلُبُوْنَ العِلْمَ للهِ، فَنَبُلُوا، وَصَارُوا أَئِمَّةً يُقتَدَى بِهِم، وطَلَبَهُ قَوْمٌ مِنْهُم أَوَّلاً لاَ للهِ، وَحَصَّلُوْهُ، ثُمَّ اسْتَفَاقُوا، وَحَاسَبُوا أَنْفُسَهُم، فَجَرَّهُمُ العِلْمُ إِلَى الإِخْلاَصِ فِي أَثنَاءِ الطَّرِيْقِ، كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُ:

طَلَبْنَا هَذَا العِلْمَ، وَمَا لَنَا فِيْهِ كَبِيْرُ نِيَّةٍ، ثُمَّ رَزَقَ اللهُ النِّيَّةَ بَعْدُ.

وَبَعْضُهُم يَقُوْلُ: طَلَبْنَا هَذَا العِلْمَ لِغَيْرِ اللهِ، فَأَبَى أَنْ يَكُوْنَ إِلاَّ للهِ، فَهَذَا أَيْضاً حَسَنٌ، ثُمَّ نَشَرُوْهُ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ.

وَقَوْمٌ طَلَبُوْهُ بِنِيَّةٍ فَاسِدَةٍ لأَجْلِ الدُّنْيَا، وَلِيُثْنَى عَلَيْهِم، فَلَهُم مَا نَوَوْا. قَالَ


(١) العيشي: نسبة إلى جدته عائشة بنت طلحة.